الثانية: أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، إنما قال له ذلك لأنه كان أول ما أسلم، فأراد أن يطمئن فؤاده عليها، وبعد ذلك يفعل هو سواها مما يظهر من ترغيب الإسلام.
قال أهل الإشارة (?): لا يتم للرجل القيام بالفريضة حتى تكون له نافلة لأنه إذا أكثر من النوافل جاء إلى الفريضة مطمئن القلب نشيط الجوارح مقبوض القلب عن الخواطر فتكون الصلاة له محفوظة من أولها، وإذا خرج إلى الفريضة من الغفلة وابتدأ بها لم يكن يطمئن فؤاده ولا كمل نشاطه إلا في آخرها فلا يستوي أولها وآخرها.
عارضة: كنت بالمسجد الأقصى، طهَّره الله تعالى، حتى جاء إلى الحلقة رجلان فقال أحدهما: كنتُ ألعبُ مع هذا بالشاة فلما توسطنا في الدست وقع بيني وبينه كلام فقلت: امرأتي طالق إن لعبت معك أبداً إلَّا هذا الدست. ثم جاء ما قطع بيننا عن استكماله (?) فهل أحنث أم لا؟.
فاختلف المفتون، فمنهم من قال: يحنث لقول النبيّ، - صلى الله عليه وسلم - "هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُنَّ؟ قَالَ: لَا إلَّا إِنْ تَطَّوَّعَ" فإذا تطوع لزمه (?). وقال آخرون: لا شيء عليه لأنه حرم بيمينه على نفسه اللعب وأبقى ذلك الدست مباحًا، فإن شاء استوفى المباح استوفاه، وإن شاء أن يتركه تركه، وهذا الذي اختاره الطرطوشي (?) وعطاء (?) فقيه الشافعية لأن لزوم التطوع بالشروع في النافلة لم يكن من باب الاستثناء وإنما كان من قبيل آخر، وقد بيّنّاه في مسائل