وقد غلط بعض الناس ههنا فقالوا: إذا صلى إلى غير سترة فلا يمر أحد بين يديه بمقدار رمية السهم، وقيل بمقدار رمية حجر، وقيل بمقدار رمية رمح، وقيل بمقدار المطاعنة، وقيل بمقدار المضاربة بالسيف (?) وهذا كله خطأ أوقعهم فيه قوله (فَإِنْ أَبَى فَلْيُقَاتلْهُ) فحملوه على أنواع القتال (?)، ولم يفهموا أن القتال هي المدافعة لغة كأن يبدأ وابآلة. نعم حتى قال بعضهم وباللسان وليس بصحيح لما ثبت عن النبي، - صلى الله عليه وسلم - قال في الصائم (إِنِ امْرُؤٌ قَاتَلَهُ أو شَاتمَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ) (?)، ففرق بينهما، وحريم المصلي سواء وضع بين يديه سترة أو لم يضعها بمقدار ما يستقل قائمًا وراكعًا وساجدًا لا يستحق من الأرض كلها التي هي المسجد العام، ولا من المسجد الخاص سواها، وسائر ذلك لغيره، ولا يقاتل إلا من أدرك بيديه إذا مّدها وما وراء ذلك لا يمد إليه يدًا ولا يمشي إليه قدمًا، فإن فعل أبطل صلاته، فإن دافعه فنفذ ومشى فلا يقطع الصلاة كائنًا ما كان، وبه قال عامة الفقهاء من الصحابة فمن دونهم. ولله درُّ مالك، رضي الله عنه، فإنه ذكر الأحاديث التي تمنع القطع، وعلم أن هناك أحاديث سواها، فأدخل عن علي بن أبي طالب أحد الخلفاء أنه قال (لَا يَقْطَعُ الصلاَةَ شَيْءٌ) (?) وإذا عمل الخلفاء بأحد الحديثين كان ترجيحًا له.