وقد روى أنس بن مالك الكعبي (?) عن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال له: "أَمَا عَلِمْت أَنَ الله وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلَاةِ" (?).

فنص - صلى الله عليه وسلم - على أن الأربع أصلٌ، وأنَّ صلاة السفر حطٌّ من الأصل، وهذا أَوْلى من حديث عائشة لأنه لفظ النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، لا يحتمل تأويلًا، وحديث عائشة، رضي الله عنها، إخبار منها، فالله أعلم كيف نقلته ومن أين نقلته وهو أيضًا يحتمل التأويل (?).

تحقيق

تحقيق: ثبت الفرق بين صلاة السفر وصلاة الحضر في الدين قطعًا، ولم يذكر حد السفر الذي يقع به الفرق لا في القرآن ولا في السنة، وإنما كان كذلك لأنها كانت لفظة عربية مستقرًا علمها عند العرب الذين خاطبهم الله تعالى بالقرآن، إلا أن الإِشكال وقع في ذلك بين العلماء لأن السفر له أول وليس له آخر في انتهائه، لكن له آخر فيما يقع عليه اسم السفر من البروز عن المنزل، فنحن نعلم قطعًا أن مَنْ برز عن الدور لبعض الأمور أنه لا يكون مسافرًا لغة ولا شرعًا، وأن مَن مشى مسافرًا ثلاثة أيام فإنه مسافر قطعًا، كما أنّا نحكم على مَنْ مشى مسيرة يوم وليلة بأنه مسافر لقول النبي، - صلى الله عليه وسلم -، في بعض الطرق: "لاَ يِحلُّ لَامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إِلَّا مَعَ ذِي مَحْرَمٍ مِنْهَا" (?) وهذا هو الصحيح لأنه يتوسط بين الحالتين، وعليه عوَّل مالك، رضي الله عنه، ولكنه لمّا لم يجد هذا الحديث متفقًا عليه (وروي يومًا وليلة وروي مرة ثلاثة أيام) (?) لجأ إلى عبد الله بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015