وللجمع حالتان:
حالة سفر وحالة إقامة، وللإِقامة حالتان حالة مطر وحالة مرض.
فأما جمع السفر فمن رحل قبل أن تزول الشمس من منزله أو قبل أن تغرب أخَّر الأولى إلى وقت الثانية، ومن رحل بعد زوال الشمس وبعد غروبها قدَّم الثانية إلى الأولى، وقال (ش): الجمع في السفر رخصة متعلقة بعين السفر سواء ارتحل المسافر أو أقام يومه في منزله يجمع بين الصلوات كما يقصر (?) وهذا ضعيف لأن صورة الجمع للمسافر إنما وردت مع الرحيل وجدّ السير والرخص لا يتعدى بها محالها.
فإن قيل فقد روي من طرق منها في الموطأ أن النبي، - صلى الله عليه وسلم -، "خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ والْعَصْرَ ثُمَّ دَخَلَ وَخَرَجَ وَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ" (?)، ولا يعبر بدخل وخرج إلا عن حال المقيم، فأما المسافر فإنما يقال فيه نزل وركب.
قلنا: هذه حكايته حال وقضية في عين، فيحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم -، صلى الظهر في آخر وقتها ثم أقام العصر فصلاها في أول وقتها، وكذلك صلى المغرب في آخر وقتها ثم قام إلى العشاء فصلاها في أول وقتها، فيكون جمعًا من حيث الصورة لا من حيث المعنى، وكذلك روى أشهب عن مالك، رضي الله عنه، فيه كما أوردناه (?).
وإذا احتمل بهذا سقط الاحتجاج به.
وأما جمع المقيم المريض فليس له حد إلا بحسب ما يجد المريض من يناوله ويوضئه، أو بحسب ما يعلم أنه يغلب على عقله فيه (?).