باب صلاة الليل

إن الله سبحانه وتعالى لو شاء لسوَّى بين الأزمنة والأمكنة في الفضل ولكنه ببالغ حكمته وواسع رحمته جعل لبعضها مزية على بعض في الأجر، وخصّ كل واحد منها بعمل من الطاعة، وإلى هذا أشار الصدّيق، رضي الله عنه، بقوله: "إِنَّ لله عَمَلًا بِالْلَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ وَعَمَلًا بِالنَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ بِالْلَّيْلِ" (?).

فالأول: كالمغرب والعشاء والصبح والوقوف بعرفة والمبيت بالمزدلفة والبيتوتة ليالي مني لغير أصحاب السقاية.

والثاني: كالظهر والعصر والصوم والضحية.

والليلِ خلق من خلق الله تعالى عظيم جعله الله، عز وجل، سكنًا ولباسًا كما جعل النهار مسرحًا ومعاشًا (?)، ولكل واحد منهما حظه، وقد أمر النبي، - صلى الله عليه وسلم -، بقيامه قيل له {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} (?) والآية مشكلة وقد جرى الكلام عليها في موضعها من كتاب الأحكام (?).

وفائدتها أن الله تعالى أمر رسوله، - صلى الله عليه وسلم - بقيام الليل وحدَّ له ما بين الثلث إلى النصف لا يزيد على النصف ولا ينقص من الثلث، وقالت عائشة، رضي الله عنها، "كَانَ قِيَامُ الْليْلِ فَرِيضَةً ثُمَّ نَسَخَهُ الله تَعَالَى فَقَالَ: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ} " (?)؛ يعني بالصلوات. وخص الله الليل بأن جعله موضعًا لإجابة الدعاء، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "جَوْفُ اللَّيْلِ أسْمَعُ" (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015