وقوله: (صُفِّدَت آلشَّيَاطِينُ) يحتمل الحقيقة بأن تغلّ بالحديد، ويحتمل المجاز ويكون عبارة عن كفها عن الاسترسال على الخلق، كما كانت تسترسل على الخلق قبل ذلك كقوله تعالى: {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ} (?) عبارة عن الكف عن العطاء والحقيقة عندي أولى فإنها أبلغ في الهوان للشيطان.

فإن قيل فنحن نرى المعاصي تجري في رمضان كما كانت تجري قبله فأين التصفيد أو فائدته؟

فالجواب عن ذلك من وجهين:

أحدهما: أنا نقول قد روي في الحديث: "وَصُفِّدَتْ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ" فيحتمل أن يريد به أهل الخبث والدهاء منهم يصفدون فيذهب جزء من الشر كبير بهم ونحن نشاهد قلّة المعاصي في رمضان فلا يجوز إنكار ذلك.

الثاني: أن يكون معناه في تصفيد الشياطين كلهم عن الاستطالة بأبدانهم ويبقى تسليطهم بالوسوسة والدعاء إلى الشهوات والتنبيه على المعاصي وللشيطان على الإنسان استطالتان:

إحداهما: على يديه بالقتل والضرب كما قتلوا سعد بن عبادة (?)، وكما قتلوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015