وأما الطهارة فواجبة لها قبل الصلاة إجماعاً لأنها من جملة الصلاة وهي أيضاً مفتقرة إلى الطهارة في الصحيح من المذهب، وإن كانت بعد السلام, لأنها ركن من أركان الصلاة فافتقرت إلى الطهارة كالركوع والجلوس.

فإن قيل: لو كانت من أركان الصلاة ما فعلت بعد تمامها، قلنا: وإن فعلت بعد تمامها فهي من تمامها. فإن قيل: لو كانت من تمامها لفسدت الصلاة بتركها، قلنا: ليس كل ما كان من تمام الصلاة تفسد بتركه كهيئة الجلوس والقراءة والقيام مع السورة.

النظر في الصلاة إلى ما يشغلك عنها

ذكر فيه حديث أبي جهم (?) في الخميصة (?).

مقدمة أصولية:

اعلموا، أفادكم الله تعالى المعارف، أن الصلاة مشتملة على أفعالٍ منها ظاهرة تنتشر على الجوارح، ومنها باطنة تستقر في القلب، وكما أن التكبير يضبط الأفعال المطلوبة بالجوارح ويحرم سائر الأفعال المسترسلة عليها فكذلك عقد القلب بالنية للوقوف بين يدي عالم الخفية والاستقبال للمناجاة مع الله تحرم على القلب سائر الخواطر المسترسلة ويلزمه الإقبال على ما هو بصدده بالكلية، فلا يكون له خاطر إلا في صلاته، ولا يمر على قلبه سواه. إلا أن الباري، تبارك وتعالى، لمّا جعل القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن ورتب عليها لمَّتين لمة من الملك ولمة من الشيطان عسر على العبد ضبط قلبه، وهان عليه ضبط جوارحه، ولهذا كان النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، يقول في كلامه: "لَا ومُقَلِّبُ الْقُلُوبِ" (?) فجعلها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015