بيَّنَّا؛ لأن من شرط النسخ التماثل في الفعل والتضاد بتعذر الجمع، وحديث عبد الله بن بحينة نقصان فعل.
وسائر الأحاديث زيادة قول فكيف يصح أن يقال إن أحدهما رفع الآخر والجمع بينهما ممكن، وأما حديث أبي هُرَيْرَة فاختلف العلماء فيه فمنهم من قال: هو نقض لما تقدم من الأحاديث وتمام له فتارة روي مضافاً وتارة روي مفصولاً.
وقال آخرون: بل هو حديث بيِّن فيه حكماً آخر وهو الرجل الذي يكثر عليه الوهم في صلاته، وقد غلب عليه لا يمكنه الاحتراز منه؛ فهذا يغلبه ويسجد سجدتين بعد السلام، وبذلك أفتى القاسم بن محمَّد لمن سأله (?).
وروي عن مالك، رضي الله عنه إنه (?) قال به.
وأما السجدتان اللتان قال هما ترغيم للشيطان فإنه معنى ذلك أن الشيطان أراد أن ينقص من صلاته أو يفسدها عليه بإدخال ما ليس منها فيها فيسجد العبد حينئذ إخزاء له لقول النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا سَجَدَ ابْنُ آدَمَ اعْتَزَلَ الشَّيْطَانُ يَبْكِي وَيقُولُ يَا ويلَتَاهْ أُمِرَ ابْن آدَمَ بِالسُّجُودِ فَسَجَدَ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَأُمِرْتُ بِالسُّجُودِ فَأَبَيْت فَلِيَ النَّارُ" (?).
وعلى هذه الأحاديث تنبني مسائل السهو كلها تأصيلًا وتفصيلاً وتفريعاً وتعليلاً وقد أشرنا إلى جمل من ذلك في شرح الصحيح فليُنظر فيه، فإن هذه العجالة لا تقتضيه فقد بيَّن في هذه الأحاديث أن سجود السهو بتكبير وسلام ولم يذكر لهما تشهُّداً.
واختلف علماؤنا فيه؛ والصحيح سقوطه كما بيَّناه في موضعه، وقد تقدم وروده في هذه الأحاديث.