الصحيح أنه قال: (صُبُّوا عَلَيْهِ سَجْلاً مِنْ مَاءٍ) (?) فتبين فيه فائدتان. الأولى: أن النجاسة إذا كوثرت بالماء فغيِّبت بعد أن ظهرت طهرت. والثانية: أن مقدار بول الرجل من النجاسة يطهره مقدار السجل (?) من الماء فاسلك (?) ذلك في سائر النجاسات وقسه عليه. وقول النبيِّ، - صلى الله عليه وسلم -، للناس حين صاحوا بالأعرابي اتركوه لوجهين: أحدهما: أن الأعرابي قد كان أراق بعض البول والكل في ذلك كالبعض، والثاني: أنه لو قطع بوله لتنجست ثيابه عليه ولحدث عليه من ذلك داء في بدنه، فترجح في الشريعة جانب تركه حتى يتم البول على قطعه بما يدخل عليه في ذلك من الضرر، وبأنه ينجس موقعين؛ فإذا تُرِك فالذي ينجس موقع واحد. وترجيح الفتوى بالدلالة أصل من أصول الفقه ولا ينفذ فيها عند تعارض الوجوه إلا ماهر، وإنما سكت النبيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، عن الأعرابي ولم يلمه لجهله بحق المسجد، ومن أصول الشريعة أن الجاهل بالحرام إذا واقعه سلم من العقوبة والآثام، وقوله فيه إنه جهل ذلك مقبول إلا أن يظهر من حاله، وشاهد الأمر والوقت ما يدل على كذبه فيقضي عليه بحكم العالم ولا يعذر بدعواه الجهل.
الأذان شعار المسلمين وكلمة الدين والفرق بين المسلمين والكافرين ثبت عن النبيّ، - صلى الله عليه وسلم -، أنه كان إذا غزا فجاءت عماية الصبح انتظر، فإن سمع أذاناً أمسك وإلا أغار (?)، وبهذا صار الأذان فرضاً من فروض الكفاية إذا أذَّن مؤذِّن واحد في القرية أجزأ عن