مشروع، وأنه لا ترتيب في غسل الجنابة، فإن قيل فقد وصفت الصحابة غسل النبيِّ، - صلى الله عليه وسلم -، من الجنابة تارة من فعله لمن رآه، وتارة من قوله لمن أفتاه، فذكروه مرتباً بتقديم الوضوء عليه وصبّ الماء على الرأس وإفاضته على الجسم فليكن ذلك بياناً للترتيب.

الجواب: وهو (?) فائدة بديعة في أصول الفقه وذلك أن النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، متى فعل فعلًا بيَّن فيه مجملاً كان بيانه واجباً، ومتى كان فعله تتميما لحكم معلوم وتفصيلاً لأمر مشروع كان فعله محمولًا على الفضل كقوله. {وَأَقِيمُوا آلصَّلاَةَ} (?). لما كان هذا قولاً مجملاً أو عاماً فبيّنه النبيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، بفعله أو خصصه فوقع ذلك الفصل بياناً لمشكل فوجب امتثاله.

أما قوله: {أطَهَّرُوا} أو {حتى تغتسلوا} فهو أمر بيِّن في ذاته، واضح في نفسه، فما وقع من الزيادة (عليه فهو (?) بذلك) أجر وفضل يبين ذلك ويوضحه أن النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، لما أفتى في غسل الجنابة من سأله عن بعض محتملاته فقال: "إِنَّما يَكْفِيك أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِك ثَلَاثَ حَثْيَاتٍ مِنْ مَاءٍ ثُمَّ تَضْغُثِيهِ (?) بِيَدَيْك ثُمَّ تُفِيضِي الْمَاءَ على سَائرِ جَسَدِك فَإِذَا أَنْتَ قَدْ طَهُرْت" (?)، ولم يذكر الوضوء فدل على أنه أجر وفضل وليس بواجب ولا فرض. وأما ذكر الله عَزَّ وَجَلَّ لأعضاء الوضوء معدودة معقبة فإنه أصل عظيم، وقد قال الجويني (?): إن النقلة لوضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم ينقل قط أحدٌ منهم أنه نكس وضوءه (?)، فاطرد القرآن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015