الأول: قوله هو الطهور ماؤه، فإنه لو قال له نعم لكان جواباً محالاً على السؤال وكان يقتضي ألا يجوِّز الوضوء بماء البحر إلا عند خوف العطش وقلة الماء، فأطلق النبيُّ، - صلى الله عليه وسلم -، القول إطلاقاً ليبين أنه طهور مطلق وحكم عام.

الموضع الثاني: قوله: (الحلَّ ميتته) وكأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فهم من السائل استنكافاً من البحر فأراد النبيُ - صلى الله عليه وسلم -، أن يبين له أنه بركة كله ماؤه طهور وميتته حلال (?) وظهره مجاز وقعره جواهر ودرر وقد قال جماعة منهم: (ح) لا تحل ميتته وتعلق في ذلك (?) بعموم قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} (?) وهذا عموم (?) ظاهر وما قلناه أصح لثلاثة أدلة أحدها هذا الحديث الذي تلوناه آنفاً.

والثاني: حديث أبي عُبَيْدَة، رضي الله عنه، حين ألقى لهم البحر حوتاً يقال له: العنبر فأكلوه. (?) فإن قيل كانت تلك حال ضرورة، قلنا: وهو الدليل الثالث، قد أكل القوم منه وشبعوا وادَّهنوا وتزوَّدوا، لو كانت حال ضرورة ما جاز شيء من ذلك وقد وافقنا أبو (ح) على أكل ما صاده المجوسي من السمك (?)، فلو كان الصيد تذكية كما زعموا ما جاز من المجوسي لأنه ليس من أهل الذكاة.

تفسير: إذا ثبت أن الماء طهور لا ينجس إلا بماء غيَّر صفاته، لكنه يستحب صيانة قليله عن النجاسة لأنه أكمل في الطهارة وأقوى للنظافة وأطيب على النفس، فأما المياه الكثيرة كالآبار العظام والأنهار الكبار فإِنه يجوز رمي النجاسات والأقذار فيها قصداً، وعلى ذلك هذه الأمة كلها في البلاد التي تكون على الأنهار، وقد سئل النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - (عَنْ بِئْرِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015