وُجُوهَكُمْ} فوجب غسل الجميع بظاهر القرآن، لذلك قال وأمسحوا برؤوسكم فوجب مسح جميع الرأس بظاهر القرآن أيضاً. فإن قيل فما فائدة دخول الباء ههنا فعن ذلك جوابان:

أحدهما: أنا نقول فائدتها ههنا، فائدتها في قوله في التيمم فامسحوا بوجوهكم فلو كان مقتضاها التبعيض لافادته في ذلك الموقع وهذا قاطع لهم في كل جواب يحاولونه.

الثاني: أن أحداً من المحققين لم يخطر بباله أن الباء للتبعيض لكن أفادت ههنا فائدة بديعة وهي أن الغسل لغة يقتضي مغسولاً به، والمسح لغة لا يقتضي ممسوحاً به. فلو قال امسحوا رؤوسكم لم يفد ذلك ممسوحاً به ولا جزأ مسح اليد على الرأس كذلك مطلقاً فدخلت الباء لتفيد معنى متعلقاً به، وهو الممسوح به وهو الماء فيكون تقديرها وامسحوا برؤوسكم الماء، وذلك فصيح في اللغة على وجهين: أما على القلب كما أنشدوا:

كنواحِ (?) ريش حمامة نجدية ... ومسحت باللثتين عصف الأثمد (?)

وإما على الاشتراك في الفعل والتساوي في نسبته كقول الشاعر:

مثل القنافذ هداجون قد بلغت ... نجران أو بلغت سوآتهم هجر (?)

فإن قيل فقد روي: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ" (?).

قلنا. هذه حكايته حال وقضية عين وحكايات الأحوال لا تحمل على العموم ولا يحتج بها في الإِطلاق، ولعل النبيَّ، - صلى الله عليه وسلم -، فعل ذلك لعذر بدليل أن كل من وصف وضوءه في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015