هذه ترجمة عظيمة ترجم بها العلماء وترجموا بنظيرها في المقابل لها وهي صفة الجَنةِ، وإنما ترجَم مالك رضي الله عنه بصفةِ جهنم دونَ صفة الجَنةِ لأن العالم يجب أن يراعي الغالب على أحوال الخلق، فإن الغالب على أحوالهم الطاعة والخوف ذكرهم بسعةِ الرحمةِ ونقلهم إلى مقام الرَّجاء، وإن كان الغالب عليهم الانهماك في المعاصي والاتكال على سعةِ الرحمة وعِظهم بآيات الخوف وآثاره ونقلهم إلى مقامه، فلما رأى مالك رضي الله عنه في زمانه الانهماك في المعاصي للناس وفي الظلمِ للولاةِ ترجمَ بآثار التخويف لينقلهم إلى مقامه، وأحاديث ذلك كثيرة منها حديثين عن أبي هريرة رضي الله عنه.
الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم -: (ناركم هذه الذي توقدونَ جزء من سبعين جزءاً من نار جهنم) (?) زاد غيره: (بعد أن صُبغت في البحر صبغتين) (?) تنبيهاً على أنها لو كانت بحالها ما احتملت الأرض سقط زنادٍ منها، وفي الحديث ان دلواً من غسّاقٍ لو صب في المشرق لأنتنَ منهُ المغرب (?) كما روي في مقابله لو أن نصيفًا (?) ظهر للدنيا من الحُور العين