وكذلك رُوي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (إذا أصبحَ ابِن آدمَ كفّرت أعضاؤه اللسان (?) تقول له: إتقِ الله فينا، فإنك إن استقمتَ ...) الحديث.
ومعنى كفَّرت سلّمت عليه بخضوع الأعاجم وركوعَها، واستعار للسان سلام الأعاجم لأنه نهاية الذلة والاعتراف بالخدمَه. ولذلك قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: "هذا أوردني (?) الموارد فقالت له عائشة: موارد الجنة إن شاء الله" (?).
وأما الباب الثالث (?) في الكلامِ بغيرِ ذكر الله تعالى، فإن مالكًا رضي الله عنه عقده عقدًا بديعًا لنكتة صوفية. وذلك أن اللسان عبد لله، فلا ينبغي أن يُذكرَ سواهُ، فتكون خدمة عبدٍ لغيرِ مَولاه وهذا هو أصل الدين والذي عليه كافة المسلمين. ومن شيوخ الصُّوفية من كان يرى ألا يذكر الله تعالى ويقول ومثلي يذكره، والله لا أذكره حتى أغسلَ فمي بألف توبةٍ متقبَّلةٍ. منهم سمنون المحبة (?)، وهذا لا يجري على قوانين الشريعة، وإنما على العبد أن يذكر ربه كان مطيعًا له أو عاصيًا، والخلاف الذي قدمناه من الصوفية إنما هو في ذكر النفل لا في الفرضِ، ثم إن الله تعالى جوَّز للعبدِ لحاجة النفس أن يتكلمَ في معاشِه ورياشه بغير ذكر ربه. قالت الصوفية: وينوي بذلك كلهِ وجه الله تعالى فيعود الكلِ إلى ذكر الله عز وجل، حتى لا يتكلم العبدُ بأقوال من اللغوِ ليسَ فيها حَظ إلا ما يدّعيه من راحةِ النفس وهذا هو معنى قول عيسى عليه السلام: "لا تكثروا الكلام بغير ذكرِ الله فتقسو قلوبكم" (?) ولذلك قال مالك رضي الله عنه في حديثِ النبي- صلى الله عليه وسلم -: (إن من البيان