لأخيه كافر فقد باءَ به أحدهما) (?) تمامه إن كان كما قال وإلا جاءت عليه (?)، وهذا معنى صحيح, لأنَّهُ إذا عُلمَ من صاحبه إنَّه مؤمن فكفَّرة فقد أخبر عن الإيمان بالكفر وهو كفر. فإن قيل: أفتحكمون له بالكفر؟ قلنا: لا، فإن قيل: فلمَ وقد كفر الإيمان؟ قلنا: لأنّ قولهُ يحتمل أن يكون سبَّاً بالكذب، أخبرَ عما يعتقدُ فيه خلافهُ، فلو حقق النسبة بالاعتقاد كأن يقول السُني للقدري يا كافر، لحكمنا عليه بالكفر واستتبناه. حديث: قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: (إذا سمعتَ الرجلَ يقول هلكَ الناسُ فهو أهلكَهُم) (?) يروى برَفع الكافِ ونصبها (?) , فإن رفعت الكافُ كان المعنى أنه أشدهم هلاكًا, لأنه بحكمهِ على الخلقِ بأنهم قد هلكوا، وقطعه عليهم أو ظنَّه قد استوجبَ إثمًا عظيمًا, لأنَّه حكمَ على الله تعالى بما لمْ يعلَمْ، ونسب الناس إلى التمالي على البَاطل فهو أشدهم هَلاكًا من وجهين:

أحدهما: أن معاصي الناس لم تتعدَّهم، ومعصيتُه هو تعدَّت إلى الخلق، بل عمَّتهم والمعصيَةُ المتعديةُ أعظمُ إثمًا مِنَ المعصيَة القاصِرَة، كما أن الحسنة المتعدية أوفر أجرًا من الحسنةِ القاصرَة.

والثاني: أن معصية الناس وقفت بهم أيضًا، ومعصيتُه هُو تعلقت بجميعهم، والأجر يتضاعف بالمتعلقات كالطيب مثلًا فيه أجرُ السنة ونظافة المرء ونفع الجليس وإكرام الملائكة إلى غير ذلك مما يتعلقُ به، وكذلك المعصية كظلم الضعيف واليتيم يوم عرفة بعد صلاة العصر في يوم جمعةٍ لكلِّ متعلقٍ أيضًا جزء من الإثم، وليس هذا بمضاعفة مبتدأةٍ، وإنما هو تَضعيف بالأسباب، وإنما تكون المضاعفة المبتدأة بالحسنَات، وأما من رواة بنصب الكاف فمعناهُ إنه كان سببَ هلاكهم, لأنّ الخلقَ لا يهلكُ أحد منهم بمعصيَة نفسه، وإنما يهلك الناس بمعاصي العامة المتعدية على ما يأتي بيانه إنْ شاء الله تعالى.

حديث: (لا يقولنَ أحدكم يا خيبة الدهر، فإن الله هو الدَّهر) (?) ظنَّ بعضُ الجهَّال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015