قال لي يومًا بعض الأمراءِ وكان متحاملًا على الرعيّة، كنت أرى البارحة النبي- صلى الله عليه وسلم -في المنامِ في صورةٍ أسود كأشد ما يكون من السَّوادِ، فقلتُ له: ظلمك للخلق وتغييرك للدين. قال النبي- صلى الله عليه وسلم -: (الظلم ظلمات يوم القيامة (?) فالتغيير فيك لا فيه وكان بالحضرة كاتبه وصهره ووَلدهِ، فأما الكاتب فمات، وأما صاحباه فتنمَّرا (?)، وأمّا هو فكان مستندًا فجلسَ على نفسه، وجعل يعتذر وكان آخر كلامهِ: وددتُ أن أكون حشميًا (?) بمخلاةٍ أعيش في الثغر، قلتُ له: وما ينفعك إن أقبلَ أنا عذرك وخرجت فوالله ما توقَّفت لي عنده بعد ذلك حاجة، وقد بينت في غير ما كتاب أن الذي أرتضيه كلام الأستاذ أبي إسحاق، إذا ثبت هذا عدنا إلى الرؤيا فقلنا ثبتَ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (الرؤيا ثلاث. فالرؤيا الصالحة بشرى من الله تعالى ورؤيا تحزين من الشيطان ورؤيا يحدثُّ بها المرء نفسه) (?)، وزاد ابن المسيّب أضغاث أحلام (?)، وبلغها بعضهم سبعة أصنافٍ وقد بينَّا تفصيلها وكيفيتها في موضعهِ وأن المعوّل منها (?). على الرؤيا الصالحة وأن الرؤيا المحزنة تدفعها الاستعاذة منها والتفل عليها والوضوء والصلاة على ما وردَ في صحيح الخبر وقد قال مالك رضي الله عنه إن خالداً بن الوليد قال لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: إنّي أروّع في مَنامي. فقال له: (قل أعوذ بكلمات الله التاماتِ من شرِّ ما خلق) (?) الحديث. فبين - صلى الله عليه وسلم - ما يدفع ضرر الرؤيا السيئة قبلَ وجودها