والشرب حرام لأنَ النهي عن الأكلِ والشرب لم يكن لذاتيهما، وإنما كانَ لينبه بذلك على تحريم استعمالهما في كل شيء وخص الأكل والشربَ لأنه الغالب، وإذا ثبت أن استعمالهما حرام لم يجز اتخاذهما لأن اتخاذهما لا منفعة فيه إلا للمعصية كالطنبور (?) والصليب ويتركب على هذا أن من أتلفهما لا يضمن قيمة الصورة المنهي عنها عند مالك والشافعي رضي الله عنهما. وقال بعضُ أصحابنا وأصحاب أبي حنيفة يضمن القيمة وهو قول لا معنى له لأنه لا دليلَ في الشرع عليه، أما إنه قد ذكرنا في شرح الحديث وكتب المسائلِ مسألة واحدة تدلُّ على جواز اتخاذهما وعلى ضمان قيمة الصورة فيهما وهو أنَّ في التداوي بما يصنع فيها منفعة عند الأطباء. فإن قلنا بجواز التطبب بها جاز اتخاذها ووجَب ضمان قيمتَها.

صفة عيسى ابن مريم عليه السلام

ذكرَ حديث نافع عن ابن عمر أراني الليلةَ عند الكعبة إلى آخره (?). قوله فيه عليه لمّة قد رجّلها فهي تقطرُ ماءً إشارةً إلى أن ما كان فيه من البؤس وشظفِ العيش، وشعث الرأس، ودنس الثياب عاد نضرةً ونعمة كأنما خرج من ديماس وهو الحمام يتكئ على عواتق رجلينِ من الرفاهية والدلالِ. وقوله: يطوف بالكعبة إشارة إلى أن لذته في العبادة بقيت إلى الآخرة، فلم يرَ لنفسه لذة سواها. فقلتُ: من هذا؟ فقيل: هو المسيحُ بن مَريم بفتح الميم وكسر السين ولهُ تسعة معاني: الأول أنه مسيح الهدى اسم علمٍ كزيدٍ علم لا من الزيادة. والثاني إنه مسيح فعِيل من مسح الأرض ومثله في الاشتقاق والاسم الدجّال إلا أنهُ يفرق بينهما الهدى والضلالة والصالح والكاذب والدجّال والنبيُّ والأعور والسليم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015