القدرية وليس في هذا كله تعلق بالباب الذي أراده مالك رضي الله عنه إلَّا على وجهٍ بعيدٍ ما عدا ما شرحناه فيه، وإن رويته بفتح الياء وإسكان العين وفتح الجيم وهو يرجعُ إلى معنى يعجل بإظهار الفاعل فإنه عام ويرجع إلى نسبة العجلة إلى الشيء الكائن على المجاز ويكون معناه الحمد لله الذي لا يكون شيء قبل وقته الذي علمه فيه وأخّره إليه لا يتعجله هو ولا بتعجيل شيء سواه ويكون في هذا رد على القدرية، لكن لا على طريق التصريح بل على طريق الاحتمال أو العموم على أحد المذهبين.
الخَلق والخُلق عبارتان عن جملة الإنسان، أما الخَلق فعبارة عن صفته الظاهرة، وأما الخُلق فعبارة عن صفتِه الباطنة وقد يعبر عن الباطن بلفظ الظاهر، ولا يعبّر بلفظ الباطن عن الظاهر وفي ذلك كلام بديع قد بيناه في المشكلين والإشارة بالخُلق إلى الإيمان، والكفر، والعلم، والجهل، واللين، والشدة والمسامحة، والاستقصاء والبخل والسخاء وما أشبه ذلك من الصفات والأسماء وأسبابها في المحمود والمذموم يدور على عشرين خصلةً، وقد أتقن مالك رضي الله عنه هذا الباب فإنه أشار فيه إلى نبذٍ في كلا طرفي النقيض بعد أن ذكر الجملة أولاً فقال (حسِّن خلقك للناس) (?) وذكر عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما خُير قط في أمرين إلَّا اختار (?) أيسرهما" إشارة إلى خلق الرفق ثم قالت "وما انتقم لنفسه" إشارة إلى خلق المسامحة والعفو، ثم أدخل حديث علي رضي الله عنه "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" (?) إشارة إلى ترك الفضول لأن المرء