وهذا أمر لا يعلم إلَّا بالخبر وخفي ذلك على الملحدة والغافلين من الخليقة فأما الملحدة فقالوا إنما يصرخ لاختلاف الهواء عليه كما يبكي من انتقل من حال إلى حال ويتألم من الكبار وتعاطى في ذلك بعض الشعراء من المتأخرين وهو لا يعلم فقال:
لما توذن الدنيا به من صروفها ... يكون بكاء الطفل ساعة يولد
وإلا فما يبكيه منها وإنها ... لأوسع مما كان فيه وأرغد (?)
وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - (لو أن أحدكم إذا أتي أهله قال اللهم (?) جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا وقضى بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدًا) قال علماؤنا معناه لم يضره بالطعنة خاصة وإلا فضرر الشيطان بالذنوب لا يعصم منها عاصم.
قوله: {يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} (?) قال ابن القاسم سمعت مالكاً يقول "ما من أحد يلقى الله إلَا بذنب ما عدا يحيى بن زكريا" (?)، قال القاضي ابن العربي رضي الله عنه هذا الذي قاله مالك ورد في الأثر ولم يصح سنده عندنا ولا شك إلَّا أنه قد صح عند مالك ولأجل صحته نطق به والأنبياء صلوات الله عليهم عندي معصومون من الذنوب بعد النبوة حسب ما بينته في كتب الأصول (?) وممن يلقى الله بغير ذنب عيسى ابن مريم فقد روي في حديث الشفاعة (إن كل نبي يطلب منه الناس الشفاعة يذكر لنفسه خطيئة ما عدا عيسى بن مريم