مورد بيان الأحكام، وإنما ورد في مَعرض الامتنانِ تارة وفي مَوضع الأخبار عن أصِلِ الخلقة أخرى. فأما دخوله في العموم من قوله ولأبويه، كدخولِ الولد وإن سفل في قوله أولادكم فليست المنزلة واحدة لاختلاف الأسباب واختلاف الخلق، وتفاضل الحنان وقد قالوا إن الحكمة في ذلك أن الجد في حَيز كان وَأن الابن وإن سفل في استقبال الزمان فالنفوس إليه أقرب والمصلحة به أقعد وعلي المقاصد انبنت أحكام الشريعة وبالمصالح ارتبطت، وقد تعلق فيها العلماء بنكتةٍ وذلك أنهم قالوا إن الفرائِضَ انبنت على تقديم من كان سببه أقوى وعلى ذلك نبه - صلى الله عليه وسلم - بقَوله: (فما أبقت الفرائِض فهو لأولي رجلٍ ذكرٍ) فقوله أولي يدل على مراعاة الأقوى، فإذا اجتمع جَدّ وأخ فالأخ أقوى من الجَدّ في الادلاء، لأن الأخ يقول أنا ابن أبي الميت فيدلي بالبنوة، والجَد يقول أنا أبو ابني الميت فيدلي بالأبوة والبنوة أقوى من الأبوة. فإن قيل: فينبغي أن يسقط الأخ الجد. قلنا: كذلك كنا نقول لولا أن الأخَ إن قوي عليهِ بالأدلاءِ قوي عليهِ الجَد بالسهمية، فوجَبَ الاشتراك وهذا لحظه الصحابة فقالت به ثم وقعَ بعد ذلك تفصيل في عوارضِ من المسائل اقتضاها تعارص الأدلة فوجَبَ الترِجيح؛ منها ما روى عمران بن حصين قال جاء رجل إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له إن ابني مات فما لي من ميرَاثِه؟ قال لك السدس. فلما ولى دعاه فقال لك سدس آخر فلما ولّى دعاه وقال له السدس الآخر طعمة. صححه الترمذي (?) وقد بينا ذلك على تفصيلٍ في شرحِ الحديثِ. فأقل فريضةٍ الجد السدس كالأب وأعلى درجاته التعصيب كالأب وأعطى النبي - صلى الله عليه وسلم - له الثلث لا يجوز أن يكون برأس (?) التعصيب، ولا يجوز أن يكونَ مع الولدِ فلم يبق إلَّا أن يكونَ مع الاشتراك الذي قضَى به زَيد عند الاجتماع مَع الأخوة ثم لما ثبتَ الاشتراك بني ترجيح على ترجيحٍ وهو إعطاء الأحظ للجد، لأنه يقول أنا وإن كنت شريكاً بينهم على حالةٍ لا ينقضي أحد من السدسِ فيها شيئاً، والترجيح في الترجيح من معضلاتِ الأُصولِ، ووردَت على هذا المقام عارضة، وهي أن امرأة توفيت وتركت زوجها وأمها وأختها لأمها وأبيها وجَدها. فللزوج النصف وللأم الثلث وللجد السدس وللأخت للأبِ والأم النصف ثم يجمعُ سدس الجد ونصف الأخت فيقسم للذكر مثل حظ الأنثين (?)، لأن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015