فهذه أصول أحاديث الرجم بجملتها ولا خلافَ فيه بين الأئمة إلَّا أنَّ طائفة، من البربر نزلت على جبلِ طرابلس ليسَ لهم إلَّا مطلع ضيق كفروا بالله ورسوله، وتستروا بكلمة الإِسلام والتعصب لعثمانٍ، ويرون أن الوضوء بدعة وأن التيمم هو الأصل والزاهدُ منهم هو الذي ماتَ ولم يمسّ عمره ماءً وَيرونَ سقوط الرجمِ ويضربون الزاني بالسياط حتى يموت، في محالاتٍ لا نهاية لها، وكانوا يخالطوننا ويجالسوننا، فقلتُ لعلمائِنا أيحل لكم أن تتركوا هؤلاء بين أظهُرِكُمْ على هذه الحالة من الكفرِ فقالوا: إن القومَ في عَددٍ عظيم وفي منعةٍ من المكان لا ترقى إليهم الأوهام، ولو اعترضنا أحداً ممن ينزل منهم لقتلوا بالواحد منهم مائة منَّا، فعلمتُ عذرهم.

وهمٌ وتنبيه:

ظنَّ بعضُ الناس أن الرجمَ الوارد في الشريعة ناسخ للحبس إلى الموت الذي كان مشروعاً قبله وقد بيَّنا فساد ذلك في كتب الأصول من وجوه أقربها الآن إليكم أن الحبسَ في البيوتِ كانَ حكماً ممدداً إلى غايةٍ، وكل حكمٍ مد إلى غايةٍ فانتهى إليها لا يكون انتهاؤه نسخًا وهو أحد شروط النسخ الأربعة التي يدور عليها، لا سيما وحكم الغاية أن يكونَ ما بَعدها مخالفاً لما قبلها، وإلَّا فما كانت تكون غاية (?)، واعلموا وفقكم الله أن في هذه الأحاديث أحكامًا وفوائد عظيمة وقد استوفيناها في شرح الحديث الحاضر الآن مما يتعلق بها خمسة عشر حكماً:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015