وأحمد بن محمد بن محمد بن مكحول، وأبو الطاهر أحمد ابن محمد السلفي، والحسن بن محمد بن سكره وغيرهم، وقال صاحب الصلة البشكوالية - بعد أن ذكر بعض شيوخه -: وقد اجتمع له من الشيوخ بين من سمع منه وبين من أجاز له مائة شيخ.
وكانت الحصيلة العلميّة التي استقاها من هؤلاء العلماء كبيرة جدّا؛ يقولون: إنه صار إمام وقته في الحديث وعلومه، والتفسير وعلومه، كما صار من أهل التفنن في العلم، واليقظة والفهم، حتى إنه بعد عودته من رحلاته العلمية أجلسه أهل سبتة للمناظرة في المدوّنة وهو ابن ثلاثين سنة أو ينيف عنها، ثم أُجلس للشورى، ثم ولي قضاء بلده مدة طويلة، حمدت سيرته فيها، ثم نقل إلى قضاء غرناطة في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة 531هـ.
ولقد أشارت المصادر القديمة بمكانته العلميّة؛ فقالت إنه كان فقيها أصوليا، عالما بالنحو واللغة وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم، بصيرا بالأحكام، عاقدا للشروط، بصيرا حافظا لمذهب مالك، ريّانا في علم الأدب، خطيبا بليغا.
كما تحدثت عن كريم أخلاقه، فقالت إنه كان صبورا حليما، جميل العشرة، جوادا سمحا كثير الصدقة، دؤوبا على العمل، صلبا في الحقّ.
ونظراً لمكانته الدينية والعلمية قرّبه الموّحدون، حكّام المغرب في عصره، حيث رحل إلى أميرهم بمدينة سلا؛ فأجزل له العطاء وأوجب برّه، وظلّ عياض في رحابهم إلى أن اضطربت أمور الموحّدين عام ثلاثة وأربعين وخمسمائة 543هـ، حيث رحل إلى مراكش مشرّدا، بعيدا عن وطنه، فكانت بها وفاته في شهر جمادى الثانية، وقيل في شهر رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة 544هـ، ودفن في باب أيلان. رحمه الله.