كان فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم يرونها تغرب في مغربها على العادة ثم يرونها في اليوم الثاني طالعة من مغربها، وأما سكان الوجه الأخر فإنها تطلع عليهم من مشرقهم على عادتها، ثم يرونها تسير إلى مغربها ما شاء الله ثم ترجع القهقري حتى تغرب في مشرقهم. وعلى زعم (?) أن الأرض هي التي تدور، فإن دورة الأرض تنعكس فيكون ما ذكر.
فأما إيمان الناس جميعاً فوجهه والله أعلم أن النفوس مفطورة على اعتقاد وجود الله عز وجل وربوبيته، ومن شأن ذلك أن يسوق إلى بقية فروع الإيمان، وآيات الآفاق والأنفس تؤكد ذلك، ولكن الشبهات والأهواء تغلب على أكثر الناس حتى يرتابوا فيتبعوا اهو ائهم، فإذا طلعت الشمس من مغربها لحقهم من الذعر والرعب لشدة الهو ل ما يمحق أثر الشبهات والأهواء وتفزع النفوس إلى مقتضى فطرتها، قال الله تعالى في ركاب البحر: «وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ» لقمان: 32.
فتلك الآية في حق من يكون قد بلغه أن محمداً صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بها حجة مكشوفة قاهرة، وكذلك هي في حق من لم يبلغه لكن بمعونة الرعب والفزع وشدة الهول.
وقد دلت الآية على أن من لم يكن آمن قبل تلك الآية لا ينفعه إيمانه عندها، ومن لم يكن من المؤمنين قبل يكسب الخير لا ينفعه كسب الخير عندها وفهم من ذلك أن من كان مؤمنا قبلها ينفعه الإيمان عندها، ومن كان من المؤمنين يكسب الخير قبلها ينفعه كسب الخير عندها، والنظر يقتضي أنه إنما ينفعه من كسب الخير عندها ما كان عادة له، وفي (صحيح البخاري) وغيره من حديث أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا مرض العبد أوسافر كتب له مثل ما كان يعمل