وكانت صورة نور الدين التي ترسخت في أذهان الناس تؤيد وتدعم ما تشير إليه الرسائل والقصائد والكتب المذكورة.
130. كان الموقف العسكري في المشرق الإسلامي راجحاً لصالح الفرنجة عندما تسلم نور الدين حكم حلب 541هـ وبعد عشر سنوات من ذلك التاريخ تغيَّر الموقف العسكري
فأصبح راجحاً لصالح المسلمين وكان التفوق العسكري الإسلامي على الفرنجة واضحاً جداً في السنوات الأخيرة من حكم نور الدين حقق إنجازات عسكرية كبيرة تمثّلت بشكل عام من ناحيتن: الأولى: إلحاق هزائم منكرة بجيوش الفرنجة في معارك كثيرة الثانية: بناء قوة عسكرية كبيرة منظمة وفعَّالة، كانت في السنوات الأخيرة من حكمه قادرة على تحرير الأرض الإسلامية المحتلة ومواجهة التحديات الخارجية المحتملة.
131. كان فتح مصر من أعظم منجزات نور الدين رحمه الله فقد تمكن من إسقاط الدولة الفاطمية العبيدية، التي استمرت أكثر من قرنين تنشر الفساد السياسي والخلل العقدي في أنحاء العالم الإسلامي، وقد استخدم نور الدين الدبلوماسية والاختراق الأمني، والدعوة لمذهب أهل السنة، وتوجت جهوده بإرسال الحملات العسكرية مستفيداً من قانون الفرصة الذي أتيح له.
132. تولى أسد الدين ثم بعد وفاته صلاح الدين منصب الوزارة عند الحاكم الفاطمي، واستطاع من خلال هذا المنصب أن يستميل قلوب الناس إليه، وبذل لهم من الأموال، فمال الناس إليه وأحبوه وسيطر على الجند سيطرة تامة واستطاع القضاء على الجند سيطرة تامة واستطاع القضاء على مراكز القوة في الدولة.
133. نفذ صلاح الدين تعليمات وتوجيهات نور الدين زنكي بمصر وكانت من أعظم المهام التي أنجزها صلاح الدين إلغاء الخلافة الفاطمية العبيدية وقد استفاد صلاح الدين من القاضي الفاضل في إعداد خطة محكمة ومدروسة للقضاء على الدولة الفاطمية والمذهب الشيعي الرافضي الإسماعيلي وشرع صلاح الدين في تنفيذها بدقة متناهية، فعزل قضاة الشيعة وألغى مجالس الدعوة، وأزال أصول المذهب الإسماعيلي وأبطل الأذان بحي على خير العمل محمد وعلي خير البشر، وأمر في يوم الجمعة العاشر من ذي الحجة 565هـ بأن يذكر في خطبة الجمعة الخلفاء الراشدون أبو بكر وعمر عثمان وعلي وأمر بعد ذلك بأن يُذكر العاضد في الخطبة بكلام يحتمل التلبيس على الشيعة فكان الخطيب يقول: اللهم أصلح العاضد لدينك، وولى القضاء في القاهرة للفقيه عيسى الهكاري السني، فاستناب القضاة الشافعيين في جميع البلاد وأنشأ المدارس لتدريس المذاهب السُّنية وهو في الوقت نفسه يضيق الخناق على العاضد فيلغي مخصصاته ويحرمه من المال والخيل والرقيق ويمنع رسوم الخلافة وهي حفلاتها الرسمية في الأعياد وغيرها ويحتجز الخليفة في قصره فلا يسمح له بمغادرته إلا في مناسبات قليلة منها خروجه لاستقبال نجم الدين أيوب والد صلاح الدين يوم جاء إلى القاهرة وعمد إلى الخطة