والجيش قد ركب الغَداَة لَعرْضِهِ ... فاركب لتُبصَِرهُ أوان عبوره
أنت الذي أحييت شرع محمد ... وقضيت بعد وفاته بنشوره
كم قد أقمت من الشَّريعة مَعْلماً ... هو مُنْذ غبتَ مُعَرَّضٌ لدُِثوره
كم قد أمرت بحفر خندق مَعْقِل ... حتى سَكَتت اللَّحْدَ في محضوره
كم قيصرٍ للروم رُمْتَ بقسره ... إرواء بيض الهند من تاوره (?)
أُوتيت فتح حصونه وملكت ... عَقَر بلاده وسبيتَ أهل قصوره
أَزَهِدْتَ في دار الفناء وأهلها ... ورَغبت في الخُلْدِ المقيم وحُوره
أوَمَا وعدت القُدْسَ أنك منُجِزٌ ... ميعاده في فتحه وظهوره
فمتى تجير القُدْسَ من دَنسِ العِدَى ... وتقِدَّس الرحمن في تطهيره
يا حاملين سريره مهلاً فمن ... عَجَبِ نهوضكم بحمل ثبيره (?)
يا عابرين بنعشه أنشقتُمُ ... من صالح الأعمال نشر عبيره
نزلت ملائكة السماء لدفنه ... مستجمعين على شفير حفيره
ومِنَ الجفاءَ له مقامي بعده ... هلاَّ وفيتُ وسرتُ عند مسيره
حَيَّاك مُعْتلُّ الصَّبا بنسيمه ... وسقاك مُنْهَلُ الحيا بدروره
ولبسْتَ رضوان المهيمن ساحِباً ... أذيال سُندس خزَّه وحريره
وسكنت علَّيَّين في فِرْدَوْسِهِ ... حِلفَ المسَرَّة ظافراً بأجوره (?)
وبعد وفاة نور الدين حمل راية الجهاده تلميذه الذكي وجنديه المخلص صلاح الدين الأيوبي الذي بنى جهاده على ما أسَّسه نور الدين من جهاد المشركين وقام بذلك على أكمل الوجوه وأتمنها، وهذا ما سوف نعرفه بإذن الله تعالى في كتابنا القادم عن عصر الدولة الأيوبية وسيرة السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين