خطوة تميزت بها حركة التعليم في العهد الزنكي لعدم وجود مثل هذا النوع من المدارس قبل ذلك، إذ أن دراسات الحديث كانت تتّم في حِلَق المساجد، كما كانت مادة إضافية في العديد من المدارس الفقهية ومع ذلك فإن علم الحديث لم تقتصر دراسته في العهد الزنكي على تلك الدور فحسب، بل كان يضاف لمناهج الدراسة في كثير من المدارس، إضافة إلى تخصيص بعض الزوايا الملحقة بالمساجد لتدريسه (?).
أ- في حلب: وردت في بعض المصادر إشارات إلى وجود العديد من دور الحديث في حلب في هذا العهد، ولكن تلك المصادر لم تورد أية تفصيلات عن نشأة تلك الدور أو نشاطاتها أو مواقعها، واكتفت بنسبتها إلى مؤسسيها وكانت أبرز تلك الدور ما يأتي:
- دار للحديث تُنسب للملك العادل نور الدين محمود (?) وهي غير الزاوية التي أوقفها نور الدين داخل جامع حلب لتدريس هذا العلم والتي سبق الحديث عنها (?).
- دار أخرى أنشأها نائب نور الدين في حلب مجد الدين ابن الداية المتوفي سنة 565هـ/1170م (?).
- دار أنشأتها أم الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين محمود في الخانِقاه التي بنتها (?).
ب- في دمشق: سبقت الإشارة إلى أن الاتجاه إلى العناية بالحديث الشريف دراسة وتدريساً، وإنشاء دُوُر خاصة به كان من أبرز سمات التعليم في هذا العهد، إذ بادر الملك نور الدين محمود بإنشاء أول دار للحديث في الإسلام، وهي دار الحديث النورية بدمشق، والتي أوكل مهمة التدريس فيها والإشراف عليها إلى أبرز أعلام عصره في هذا المجال، وهو الحافظ الكبير أبو القاسم بن عساكر المتوفي سنة 571هـ (1176م) ثم تلا ذلك إنشاء العديد من دور الحديث في العالم الإسلامي. ولم يكن في دمشق في هذا العهد سوى هذه الدار (?).
- دار الحديث النُوريّة (?): أجمعت كثير من المصادر على أن هذه الدار من إنشاء الملك العادل نور الدين محمود زنكي وأنها أول دار من نوعها في الإسلام (?) قال عنه ابن الأثير: وبنى بدمشق أيضاً داراً للحديث، ووقف عليها وعلى من بها من المشتغلين بعلم الحديث وقوفاً كثيرة، وهو أول من بنى داراً للحديث فيما علمناه (?) وكان نور الدين قد عهد بأمر التدريس والنظر في هذه الدار للحافظ الكبير أبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر