الجليلة ورسائله النافعة، إذ قال عامله الله بما يستحق: "فمن شبهاته التي تمسك بها زعمه أن الناس مشركون في توسلهم بالنبي صلى الله عليه وسلم" قف!
أين قال ذلك شيخ الإسلام، وفي أي كتاب صرح فيه بأن مجرد التوسل بالنبي صلى الله وعليه وسلم وبغيره من إخوانه الأنبياء والصالحين شرك يخرج عن الملة؟ فإن ثبت عنه رحمه الله تعالى ذلك بنقل صحيح في كتاب ما من كتبه العظيمة أو رسائله النافعة فيحمل على تلك الوسيلة الشركية التي يطلب فيها أصحابها من النبي صلى الله عليه وسلم ما نفاه عن نفسه الزكية الطاهرة في أحاديثه الصحيحة المخرجة في الكتب الصحاح المعتبرة عند أهل الحديث، وما نفاه عنه مولاه جل وعلا في محكم كتابه إذ قال جل وعلا مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم عندما كان يحاول بحرصه الشديد هداية عمه أبي طالب عند موته قال الله تعالى: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} القصص - وقال جل وعلا في سورة النحل: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} وأما توسل الصحابة رضي الله تعالى عنهم بدعائه صلى الله عليه وسلم في حياته فهذا مشروع ثابت بأسانيد صحيحة كثيرة لا غبار على صحتها، ومن ينكر ذلك فهو ضال مضل، ولم ينكر شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى هذه الوسيلة أبدا بل إنها جائزة ومستحبة في نظره وأنظار أهل الحديث رحمهم الله تعالى وهي أيضا مشروعة في حق كل من كان من أهل الخير والصلاح والعبادة، والزهد، والورع وهو على قيد الحياة يطلب منه الدعاء، ويقال له: ادع الله لي يا أخي بصلاح الدين والدنيا والآخرة، ونحو ذلك، وأما توسل الصحابة رضي الله تعالى عنهم بذاته الشريفة أو ذوات أخرى من الأنبياء والرسل والصالحين الميتين فلم يثبت في ذلك حديث صحيح خال من الشذوذ، أو عمل من أحد الصحابة بعد انتقال المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى رفيقه الأعلى إلا حديث الأعمى الذي تشبث به الشيخ النبهاني ودندن حوله، ومعه مقلدوه، وأتباعه فهم كثيرون - لا كثرهم الله تعالى - فأني سوف أتكلم عليه بالإسهاب متنا، وإسنادا إن شاء الله تعالى عند الرد على الشيخ النبهاني باستدلاله به، وبأحاديث أخرى على دعواه الباطلة، كل ذلك بالتفصيل، فكان هذا التوسل بذاته الشريفة، وبذوات أخرى عملا محدثا في الإسلام، نشأ عن الجهل، وقلة