أخرج الإمام البخاري ومسلم وأحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: "قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الغلول فعظمه، وعظم أمره"، قال: "لا ألفين أحدكم يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة يقول: يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، وعلى رقبته بعير له رغاء، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، وعلى رقبته صامت، فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك أو رقبته رقاع تخفق فيقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا وقد أبلغتك ... " ثم ذكر الحديث1، قال الحافظ: "قوله: "لا أملك لك شيئا" أي من المغفرة لأن الشفاعة أمرها إلى الله تعالى، وقوله: "أبلغتك" أي فليس لك عذر بعد الإبلاغ 2". قلت فالشاهد في هذا الحديث الشريف على بطلان عنوان الكتاب - أي كتاب النبهاني - وعدم صحته واضح بين، وهو أنه صلى الله عليه وسلم وإن كان هو صاحب الشفاعة العظمى - كما جاءت بذلك الأحاديث الكثيرة - لا يغيث يوم القيامة أحدا قبل أن يأذن الله تعالى له بالشفاعة العظمى ليشفع لمذنبي أمته صلى الله عليه وسلم دون الكفار والمشركين، فكيف يستغاث به بعد انتقاله صلى الله عليه وسلم من هذه الدنيا الفانية إلى رفيقه الأعلى مع أن يوم القيامة هو أقرب الأوقات وأنسبها للاستغاثة به صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يقول يوم القيامة لصاحب الفرس والبعير ويكرر: "لا أملك لك شيئا وقد أبلغتك" فالشيخ النبهاني في عنوان كتابه هذا يكذب النبي صلى الله عليه وسلم في مقالته تلك المباركة يوم القيامة، والتي أجمعت الدنيا كلها من السلف والخلف من علماء السنة المطهرة وعلى رأسهم أئمة الهدى الأئمة الأربعة الإمام الجليل أبو حنيفة والإمام الشافعي، والإمام مالك والإمام أحمد بن حنبل والبخاري، ومسلم وغيرهم رحمهم الله تعالى على أن تلك المقالة صدق، وحق ودين وأن صاحب الفرس الذي يأتي إلى النبي صلى الله عليه وسلم مستغيثا به أن ذنبه ذلك ليس من الشرك بل من الكبائر، والذي يتبرأ منه صلى الله عليه وسلم قبل أن يأذن له ربه جل وعلا بالشفاعة، فكيف حال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015