من الحاكم الأول؛ فلا بد أن يثبت الملك، فإنه قد يقف ما ليس ملكه، إلا ببينة تشهد له بالملك إلى حين وقفه. قال البلقيني: الثبوت المجرد له ثلاث فوائد عندنا وعند الحنفية: تعديل البينة. وقبول شهادتهم فيما شهدوا به. وجريان ذلك الأمر المشهود به. وأما صحته وهو أنه حكم بصحته؛ فليس ذلك مشروطاً عندنا، قال السبكي: الثبوت يدل على الصحة. والصحيح أن الثبوت ليس حكماً بالثابت، بل غايته أن يكون حكماً بثبوته، يعني لجريان العقد، ومن أضاف الثبوت إلى الحكم، كقوله: ثبت عندي أن هذه الدار وقف فلان أو ملك فلان؛ فهذا شبيه بالحكم، فلا ينقض إلا بتحقيق، مثل أن يخالف شرطاً من شروط الوقف أو البيع. فإن نقص شرطاً؛ فللقاضي نقضه، قال البلقيني: إذا قال الحاكم ثبت عندي كذا وكذا من غير ذكر بينة معينة؛ فأنا نعمل به ونحمل قوله على الصحة، ونحمل ذلك العقد الذي حكم به على الصحة. قال القرافي: إن قلت: ما الفرق بين الثبوت والحكم؟ وهل الثبوت حكم، أم لا؟ فإذا قلنا: أن الثبوت حكم، فهل هو عين الحكم أو يستلزمه؟ فالجواب: الثبوت سبب قيام الحجة على ثبوت السبب عند الحاكم، مثل أن يثبت عند الحاكم أن النكاح الذي صدر بين الزوجين بلا ولي ... إلى أن قال: فإذا قال القاضي: إن قيمة ما أخذ فلان من مال فلان بطريق الغصب والعدوان كذا وكذا، أو ثبت عندي أن قيمة ما أتلفه فلان كذا وكذا؛ فهذا إذا ثبت عند الحاكم ثبوتاً مجرداً؛ لم يستلزم إنشاء حكم بها، بل لا بد من جريان الدعوى بين الخصمين والإعذار في ذلك، ولا يحكم في غيبة خصم إلا في أربع مسائل: إذا غاب في مسافة فوق مسافة الغدو، وقدرها، إذا ركب الراكب إليها بكرة لا يرجع إلى أهله من ليلته، فيجوز للحاكم سماع البينة والحكم بها عليها، لكن مع تحليف المدعي، وإن أقام شاهداً حلف يمينين، الثاني: التواري