وقوله في "المنهاج" وغيره: على الأصح، أو الأظهر، أو المشهور ومثلنا لا يعرف القائل ذلك، وهل يكفي تقليد صاحب المرجوح في العمل دون الحكم مع الجهل بمعرفته، أم لا؟

فأجاب، يجوز العمل بالقول المرجوح لنفسه وإن لم يعرف قائله، إذا كان من المذاهب الأربعة، بخلاف ما إذا كان من غيرها؛ فلا بد أن يعرف قائله ليتأتى له التقليد، كما هو صريح كلامهم.

ومن جواب له أيضاً، بعد كلام سبق: نعم يظهر لي أن الأولى للمفتي التأمل في طبقات العامة، فإن كان السائل من الأقوياء الذين يتحرون الأخذ بالعزائم وما فيه الاحتياط؛ اختصهم برواية ما يشتمل على التشديد. وإن كانوا من الضعفاء الذين هم تحت أسر النفوس، بحيث لو اقتصر في شأنهم على رواية ما يشتمل على التشديد؛ أهملوه ووقعوا في وهدة المخالفة لحكم التشريع على سبيل التساهل، روى لهم ما فيه التخفيف شفقة عليهم من الوقوع في ورطة الهلاك، لا تساهلاً في دين الله، أو لباعث، وسداً لطمع في حكام أو رغبة أو رهبة، والله يعلم المفسد من المصلح، فهذا الذي تقرر، وهو الذي نعتقده وندين الله به.

وأما التزام ترجيح إمام واحد على التعيين، من أول كتاب الطهارة الخ، وتضعيف مقابله؛ فالحامل عليه محض التقليد، كما هو الغالب الآن.

واعلم أنه يصح التقليد بعد الفعل، كما إذا صلى ظاناً صحتها على مذهبه، ثم تبين بطلانها في مذهبه، وصحتها على مذهب غيره؛ فله تقليده، ويجتزئ بتلك الصلاة على ما قال في "البزازية"، وعن الإمام الثاني وهو أبو يوسف: أنه صلى يوماً الجمعة بالناس مغتسلاً من الحمام، فلما تفرق الناس أخبر بوجود فأرة ميتة في بئر الحمام، فقال: إذاً نأخذ بقول إخواننا أهل المدينة، إذا بلغ الماء قلتين؛ لم يحمل خبثاً. انتهى. ونقله العلامة ابن أمير حاج عن "القنية" على جهة الاستشكال، في أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015