كما كذب الحجاج بن علاط على المشركين حتى أخذ ماله، ونظير ذلك الإمام والحاكم يوهم الخصم خلاف الحق، كما أوهم سليمان بن داود المرأتين بشق الولد، انتهى.
إذا أجمع وجوه أهل قرية وعدولهم على بيع تركة وقضاء دين؛ صح ما صدر منهم، ولأن ما لزم الركب؛ يلزم فيه التساوي، ولأن هذا الذي تقدم قد فعل فيه مصلحة، أو دفع مضرة، أو دفع شر، وقد يعمل بأدنى المفسدتين لترك أعلاهما، قاله شيخنا.
وذكره ابن عطوة، قال في "شرح المنتهى" لمؤلفه: وقد صنف الشيخ ولي الدين أبو زرعه العراقي الشافعي وريقات في الفرق بين الحكم بالصحة والحكم بالموجب، فأجبت إيرادها كلها لعموم نفعها، وهي أما بعد حمد الله ولي النعم، والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد العرب والعجم، وعلى آله وصحبه خير الأمم، فقد عهدنا الحكام على طريقة في الحكم بالصحة، والحكم بالموجب، وهي أنهم إن قامت عندهم البينة العادلة باستيفاء العاقد شروط ذلك العقد الذي يراد الحكم به؛ حكم بصحته. وإن لم تتم البينة باستيفاء شروطه؛ حكم بموجبه، فالحكم بالموجب عندهم أحط رتبة من الحكم بالصحة، ويرد على ذلك شيئان.
أحدهما: أن المرجح فيما لو طلب جماعة في أيديهم أرض من القاضي قسمتها بينهم من غير إقامة بينة على أنها ملكهم؛ لا يجيبهم القاضي إلى ذلك. وقال شيخنا الإمام البلقيني في "حواشي الروضة": يخرج من هذا أن القاضي لا يحكم بالموجب بمجرد اعتراف المتعاقدين بالبيع، ولا بمجرد قيام البينة عليهما بما صدر منهما؛ لأن المعنى الذي قيل هنا يأتي هناك.
قلت: وفي هذا نظر؛ فإن القسمة تتضمن إفراز نصيب كل واحد، وصيرورته معيناً بعد أن كان مشاعاً، وقد لا يكون الواقفون له مالكين