ومن "الإنصاف" وبعد كلام سبق: اعلم أن الوارد عن الأصحاب، إما وجه، وإما احتمال، وإما تخريج. زاد في "الفروع": والتوجيه.
فأما الوجه: فهو قول بعض الأصحاب، وتخاريجه ما كان مأخوذاً من قواعد الإمام أحمد أو إيمائه، أو دليله، أو تعليله، أو سياق كلامه وقوته. وإن كان مأخوذاً من نصوص الإمام أحمد ومخرجاً منها؛ فهي روايات مخرجة له، ومنقولة من نصوصه إلى ما يشبهها من المسائل، أن قلنا: ما قيس على كلامه مذهب له على ما تقدم، وان قلنا: لا، فهي أوجه لمن خرجها وقاسها ... إلى أن قال: وأما القولان هنا؛ فقد يكون الإمام أحمد نص عليهما كما ذكره أبو بكر الشافعي، أو على أحدهما وأومأ إلى الآخر، وقد يكون مع أحدهما وجه أو تخريج أو احتمال بخلافه.
وأما الاحتمال الذي للأصحاب؛ فقد يكون الدليل مرجوح بالنسبة
إلى ما خالفه، أو دليل مساو، وقد يختار هذا الاحتمال بعض الأصحاب؛ فيبقى وجهاً. وأما التخريج؛ فهو نقل حكم مسألة إلى ما يشبهها، والتسوية بينهما فيه. وصاحب هذه الأوجه والاحتمالات والتخاريج؛ لا يكون إلا مجتهداً. انتهى.
ومن "شرح المنتهى" لمؤلفه: قال ابن نصر الله: كثيراً ما يقع في سجلات القضاة الحكم بالموجب تارة، والحكم بالصحة أخرى.
وقد اختلف كلام المتأخرين من الفقهاء في الفرق بينهما وعدمه، ولم أجد لأصحابنا كلاما منقولاً في ذلك، والذي تقوله بعد الاعتصام بالله ورسوله وسؤاله التوفيق: إن الحكم بالصحة، لا شك أنه يستلزم ثبوت الملك والحيازة قطعاً، فإذا ادعى رجل أنه ابتاع من آخر عيناً، واعترف