نحن فيه أو غيره، بين كون ضرره دفعياً أو تدريجياً؛ فإن التدريجي هو الأكثر وقوعاً، وبالجملة فاللائق بذي المروءة والدين: اجتنابه حيث لا ضرورة تدعو إليه، لقوله صلى الله عليه وسلم: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك". وما أظن عاقلاً يرتاب فيما ذكر. انتهى.
ظاهر كلام مرعي إباحته، وكلام منصور في آداب النساء كراهته، والظاهر أن الكراهة لا شك فيها، والتحريم ففيه شك. لأن إسكاره من حيثية الدخان، بتضييق المسام، لا من شيء فيه، ومعلوم أن كل من شرب دخاناً كائناً ما كان؛ أسكره بمعنى أشرقه، وأذهب عقله بتضييق أنفاسه ومسامه عليه، لا سكر اللذة والطرب، قاله شيخنا.
قال أبو العباس: إذا شككنا في المطعوم أو المشروب، هل يسكر أم لا؟
لم يحرم بمجرد الشك، ولم يقم الحد على شاربه. انتهى.
ومن رسالة لبعضهم، وهو الشيخ العلامة قدوة الأنام، أبو الحسن المصري الحنفي: الآثار النقلية الصحيحة، والدلائل العقلية الصريحة؛ تعلن بتحريم الدخان، وكان حدوثه في حدود الألف، وأول خروجه بأرض اليهود، والنصارى، والمجوس، وأتى به رجل يهودي يزعم أنه حكيم إلى أرض المغرب، ودعا الناس إليه، وأول من جلبه إلى البر الرومي رجل اسمه الاتكلين من النصارى، وأول من أخرجه ببلاد السودان المجوس، ثم جلب إلى مصر، والحجاز، وسائر الأقطار، وقد نهى الله عن كل مسكر. وإن قيل: إنه لا يسكر؛ فهو يخدر ويفتر الأعضاء شاربه الباطنة والظاهرة. والمراد بالإسكار مطلق المغطي للعقل وإن لم يكن معه الشدة المطربة، ولا ريب أنها حاصلة لمن يتعاطاه أول مرة، وإن لم يسلم أنه يسكر؛ فهو يخدر ويفتر، وقد روى الإمام أحمد، وأبو داود، عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهى عن