لا يقع بها إلا ما نواه، إلا أن يكون في حال خصومة، وغصب، وجواب سؤالها؛ فلا يقبل منه حكماً في هذه الأحوال نية غير الطلاق، وعلى كل حال: إذا شهد شاهدان على الزوج أنه قال: خليتها بعوض، سواء كان معلوماً أو مجهولاً؛ بانت منه، والله أعلم، وجدته جواباً لبعض الفقهاء، ولم ينسب، وجدت على هامش "الإنصاف"، قال القاضي: إنما صحت المخالعة على نفقة الولد، وهي للمولود دونها؛ لأنها في حكم المالكة لها، المستحقة لها المتصرفة فيها؛ ففي مدة الحمل هي الآكلة لها، وفي مدة الرضاع له هي الآخذة لها، فصارت كملك من أملاكها، يصح جعلها عوضاً. فأما النفقة الزائدة على هذا، من كسوة الطفل، ودهنه، ونحو ذلك؛ فلا يصح. أن يعاوض به في الخلع، لأنها ليست لها، ولا هو في حكم ما هو لها. انتهى.
قلت: أما قوله في الكسوة: والدهن لا يصح أن يعاوض بها في الخلع؛ فنحن لا نجعل الأم معاوضة لا ولا مختلعه، ولكن هي توجب على نفسها للزوج المخالع كسوة الولد، ودهنه، وغير ذلك. غاية ما يقال فيه: إن ذلك جائز، ويصح وإن لم يكن مقدراً، كما صرحوا بجواز إجازة الأجير بطعامه ويقوم بها ببعضها، ويرد إلى العرف. إذا ثبت ذلك فنقول: يجوز أن تعاوض المرأة زوجها في الخلع بما ذكرنا؛ لأنها متصرفة فيما يستحقه ولدها من ذلك، بل إنها موجبة للزوج على نفسها ذلك للولد؛ فتكون حينئذ غير متصرفة، ولا معاوضة بما لولدها، بل متحملة ذلك على نفسها عن الأب. ونظيره لو خالعته على أن تطعم له بهيمة، وتسقيها مدة معلومة، فإن صح ذلك؛ صح هذا، وغرض الابن الكسوة، والدهن من أي جهة، ونقول: لو أعسرت مثلاً وتركته، أو هربت؛ فكل ذلك على الوالد للابن. لكن يثبت في ذمة الزوجة قدر ذلك، وهذا