ثم ظهر لي من حاله ما يقتضي أنه ليس ممن يعتمد عليه في نفل ينفرد به، لمسارعته إلى النقل بفهمه، كما في هذه المسألة. ولا في بحث ينشئه لخلطه المقصود بغيره، وخروجه عن الحد جداً. وهو، وإن كان مكثرا من الحفظ، لم يتهذب بشيخ، ولم يرتض في العلوم، بل أخذها بذهنه مع جسارته، واتساع خياله، وسعة كثيرة. ثم بلغني من حاله ما يقتضي الإعراض عن النظر في كلامه جملة. وكان الناس في حياته ابتلوا بالكلام معه للرد عليه، وحبس بإجماع العلماء وولاة الأمور على ذلك، ثم مات ولم يكن لنا غرض بعد موته في ذكره لأن تلك أمة قد خلت لها ما كسبت، ولكن له أتباع ينعقون ولا يعون، ونحن نتبرم بالكلام معهم ومع أمثالهم.

ولكن للناس ضرورات إلى الجواب في بعض المسائل كهذه المسألة، فإنه تبعه فيها بعض الحنابلة فيما قاله فيها ... إلى أن قال: سبحان الله! شخص حنبلي يصنف على مذهبه يأخذ من كتب الشافعية، ثم أخرجت النقل من "المجرد" للقاضي أبي يعلى "المستوعب" "الفصول" لابن عقيل كما في "المغني" فهذه أربع أمهات من كتب الحنابلة وليس في غيرها مما وقفت عليه ما يخالفها فعلم أنه لا خلاف في ذلك.

ومن البلية أن هذا الحنبلي لما أفتى بذلك، تبعه جماعة من الحنفية، وواحد من المالكية، وواحد من الشافعية، وقاضي الحنابلة وليس هو من غلط الفقهاء بل هوس وهذيان، فليس من جنس غلط بن تيمية، وفي آخر الكلام يأتي بيانه. انتهى كلام السبكي ملخصا.

وتعقبه ابن عبد الهادي بكلام طويل انتصارا للشيخ، ورداً لكلام السبكي، فقال بعد كلام سبق:

الثالثة قوله: إن ابن تيمية أخطأ في مذهبه، وغلط فيه، فغير مسلم، ومن أين له المعرفة بمذاهب الناس؟ وهذه مسألة مشهورة عندنا في قول

طور بواسطة نورين ميديا © 2015