فلأحدهما ثلثه، وللآخر ثلثاه، كما لو ورثاه كذلك. لكن المحذور في هذه المسألة أن مال كل منهما إن عرف قيمته، فظاهر. وإن لم يعرف إلا عدده مع أن أحدهما قد يكون خيراً من غنم الآخر، لأن الضرورة تلجيء إلى التسوية. وعلى هذا فسواء اختلط غنم أحدهما بالآخر عمدا أو خطأ، يقسم المالان على العدد إن لم يعرف الرجحان. وإن عرف وجهل قدره، أثبت منه القدر المتيقن وأسقط الزائد المشكوك فيه، لأن الأصل عدمه، انتهى. الظاهر أن العمل على هذا، قاله شيخنا.
قال ابن عطوة فيما وجدته بخطه على كلام أبي العباس: قال شيخنا العسكري: فإن جهل قدر المالين أو أحدهما اصطلحا، ويمنعان من التصرف في ذلك حتى يصطلحا. انتهى.
ومن كلام أبي العباس في آية الربا وهي قوله تعالى: "الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون ".
قال في قوله: "فله ما سلف". أي ما كان قبضه من الربا، جعله له.
وأمره إلى الله، قد قيل الضمير يعود على الشخص، وبكل حال فالآية تقتضي أن أمره إلى الله لا إلى الغريم الذي عليه الدين، بخلاف الباقي، فإن للغريم أن يطلب إسقاطه، لقوله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون ".