وبعد الفتن والافتراق ألفة واعتصاما بحبل الله، وبعد القطيعة والعقوق برا وصلة ورحمة بعباد الله، وبعد الظلم والجور وسوء المعاملات عدلا ووفاء بجميع الحقوق والمعاملات. نورا كسب به العباد بعد الفساد صلاحا، وبعد الشقاء والهلاك فلاحا ونجاحا. نور نشر عدله ورحمته على الأقطار، فصلحت به الأحوال وكثرت الخيرات، وانجلت به الشرور والهلكات. لم يزل ذلك النور سراجا وهاجا، إذ أهله به متمسكون، وبنوره مقتدون. فلما استبدلوا بهذا النور الظلم والظلمات، وانفصلوا أو كادوا ينفصلون من حبله المتين، وتقاطعوا وتدابروا، وتباغضوا وتنافروا، وذهبت عنهم الغيرة الدينية، والنخوة القومية، وتباينت الأغراض، وكثرت الأضرار، جاءهم ما كانوا به يوعدون من العقوبات العاجلة، وتكالبت عليهم الأعداء، وتشتت الأصدقاء. فلم يزالوا في نزول مضطرد ما داموا معرضين عن تعاليم هذا الدين. ولا يزالون في هبوط ما داموا متعشقين لأحوال المنحرفين، ولا - والله - ينقذهم مما هم فيه من الشقاء إلا الرجوع إلى دينهم، الكفيل لهم بكل خير وصلاح، ولا ينجيهم مما وقعوا فيه إلا التمسك بحبل الله، والاجتماع على القيام بدين الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015