عليكم رحمته برأفته وحنانه، فأصبح الناس بهذا وبهذا مستبشرين، وبنزوله ثم بإقلاعه فرحين، فكانت النعمة في إمساكه كالنعمة في إنزاله، فلم يزل العبد يتقلب بنعم ربه في كل أحواله. فاشكروا ربكم شكرا كثيرا، وسبحوه بكرة وأصيلا، وتوسلوا بنعمه وإحسانه إلى طاعته واتباع رضوانه. فمن شكر الله بقلبه ولسانه وعمله فليبشر بالمزيد، ومن قابل النعم بالغفلة والمعاصي فالعقاب شديد. والعباد في غاية الضعف والفقر والاضطرار، ولا ثبات لهم على حالة ولا قوة ولا اصطبار. إذا تباطأ الغيث يئسوا وقنطوا، وإذا تتابع عليهم قلقوا وجزعوا، فعليهم أن يلجأوا في أمورهم كلها إلى المولى، ويسألوه اللطف في مواقع القدر والقضاء، فتعرضوا لألطاف المولى بالتضرع والدعاء، واقصدوه في حالة السراء والضراء.
«دخل رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة، فشكى إليه الضرر، فقال يا رسول الله: هلكت الأموال، وجاعت المواشي، وتقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا، فرفع يديه صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقال: "اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا". قال أنس: فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، حتى نشأت سحابة من وراء سلع مثل الترس، فانتشرت وأمطرت، فلا والله ما رأينا الشمس من الجمعة إلى الجمعة.