فأخبر أنه لا بد أن يبتلي عباده بشيء من هذه المذكورات، ووعد الصابرين بالرحمة والهدى والصلوات، فله الحكمة التامة والرحمة السابغة في تقديره المصيبات.

انظروا إلى هذا الجند الضعيف، كيف يستبد بأرزاق الآدميين والبهائم؟ ليعرف العباد فقرهم إلى ربهم، وضعفهم عن هذا الجند الغاشم، فليس له سوى لطف الكريم بدافع ومقاوم، ومع ذلك على كثرته لو سلط لضرهم ضررا كبيرا، ولكن الله لطف وخفف، فكان الضرر يسيرا، فلئن أتلف كثيرا من الخضر والثمار، فلقد بقى للعباد خير كثير ونعم غزار، ومع ذلك فليبشر الصابرون المحتسبون بالثواب الآجل والخلف العاجل، وبالبر والإحسان والخير المتواصل، وليتضرعوا إلى ربهم في دفع المكاره والنوازل، وليتوبوا إليه من جميع الذنوب، ويلجأوا في أمورهم كلها إلى علام الغيوب. قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41] وقال: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]

اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا بديع السماوات والأرض، يا حي يا قيوم، خذ بأفواه هذا الجند عن معائشنا، ولا تكلنا إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015