ترونهم يسعون خلف أغراض النفوس وخسيس الشهوات؟! أما تشاهدون أحوالهم فوضى قد مرجت فيهم المعنويات والصفات؟! أما ترونهم حين عرفوا شيئا من علوم الطبيعة أعجبوا بأنفسهم فهم مستكبرون! وحين جاءتهم علوم الرسل احتقروها وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون. فنعوذ بالله من علم لا ينفع، ونفس لا تشبع، ودعاء لا يجاب ويشفع، قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ} [النحل: 125] الآية، {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [آل عمران: 79] لقد أرشدنا ربنا إلى الطريقة المثلى في تعليم المتعلمين، وأن نسلك أقرب طريق يوصل المعارف إلى أذهان المشتغلين، فلا نزحمها بكثرة الفنون فإن الأذهان لا تتحملها، ولا تلقي عليها من المسائل ما لا تطيقها ولا تحفظها. بل تلقي على كل أحد ما يتحمله ذهنه وما يشتاق إليه. ونتعاهد بالدرس والإعادة وكثرة المرور عليه، فالقليل الثابت الراسخ البنيان، خير من الكثير الذي هو عرضة للزوال والنسيان، فتزاحم العلوم يضيع بعضها بعضا وتوجب الكسل والملل، وذلك من أعظم الأضرار والإخلال وشدة الخلل، فكم من تلميذ على هذا الوصف مكث المدة الطويلة بغير معرفة صحيحة ونجاح، وكم من تلميذ سلك الطريق