إلا أحصاها، فحينئذ يغتبط المتقون بكتب أعمالهم التي قدموها، ويقولون لمعارفهم مبتهجين بالأعمال الصالحة التي أسلفوها: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ - إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ - فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ - فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ - قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ} [الحاقة: 19 - 23] ويقال لهم {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} [الحاقة: 24] وأما من أوتي كتابه بشماله فيقول حين أيقن بالشقاء الأبدي والعذاب السرمدي {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ - وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ - يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ - مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ - هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: 25 - 29] فيقال للزبانية عند ذلك: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ - ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ - ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ} [الحاقة: 30 - 32] والسبب الذي أوصله إلى هذا العذاب الفظيع والعقاب الشديد والموضع المريع أنه كان لا يؤمن بالله العظيم، ولا يحض على طعام المسكين، ضيع حق الله فتجرأ على الكفر والفسوق والعصيان، وضيع حقوق المحتاجين بالقسوة والبخل وعدم الإحسان، يا له من يوم يخسر فيه المبطلون، ويفوز فيه المتقون، ويربح فيه العاملون. {وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [النحل: 111] أجارني الله وإياكم من النار، ومن علينا بالرحمة والمغفرة، فإنه الكريم الستار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015