كل ما يقرب إلى رضاه، وأما قول الحق في الغضب والرضى، فإن ذلك عنوان على الصدق والعدل والتوفيق، وأكبر برهان على الإيمان وقهر العبد لغضبه وشهوته، فإنه لا ينجو منها إلا كل صدّيق، فلا يخرجه الغضب والشهوة عن الحق، ولا يدخلانه في الباطل، بل الصدق عام لأحواله كلها وشامل، وأما القصد في الفقر والغنى فإن هذا علامة على قوة العقل وحسن التدبير، وامتثال لإرشاد الرب القدير في قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا} [الفرقان: 67] فهذه الثلاث جمعت كل خير متعلق بحق الله، وحق النفس، وحقوق العباد، وصاحبها قد فاز بالقدح المعلى والهدى والرشاد، وأما الثلاث المهلكات فأولاهن هوى متبع، {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50] فإن الهوى يهوي بصاحبه إلى أسفل الدركات، وبالهوى تندفع النفوس إلى الشهوات الضارة المهلكات، وأما الشح المطاع فقد أحضرت النفوس شحها، {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر: 9] ومن انقاد لشحه فأولئك هم الخاسرون، فإن الشح يحمل على البخل ومنع الحقوق، ويدعو إلى الضرر والقطيعة والعقوق، أمر الشح أهله بالقطيعة فقطعوا، ودعاهم إلى منع الحقوق الواجبة فامتثلوا، وأغراهم