58 - خطبة في التقوى الحمد لله الذي فاوت بين عباده في العقول والهمم والإرادات، ورفع بعضهم فوق بعض بالإيمان والعلم ولوازمهما درجات. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الذات، ولا سمي له في الأسماء ولا مثيل له في الصفات، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أشرف البريات، اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم في كل الحالات.
أما بعد: أيها الناس، اتقوا الله تعالى فتقوى الله وقاية من الشر والعذاب، وسبب موصل للخير والثواب. عباد الله: قد بين الله لكم مراتب الخير وثوابه، وحضكم على ذلك وسهل لكم طرقه وأسبابه، فقال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: 133] وإلى قوله: {فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [الزمر: 74] فوصف المتقين بالقيام بحقوقه وحقوق عباده وبالتوبة والاستغفار، ونفى عنهم الإقامة على الذنوب والإصرار، وقال معاذ بن جبل - رضي الله عنه- «يا رسول الله: أخبرني بعمل يدخلني الجنة وينجيني من النار. قال صلى الله عليه وسلم: " لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله