الهموم والغموم وَالْأَحْزَان وَمن أَبى إِلَّا تَدْبيره لنَفسِهِ وَقع فِي النكد وَالنّصب وَسُوء الْحَال والتعب فَلَا عَيْش يصفو وَلَا قلب يفرح وَلَا عمل يزكو وَلَا أمل يقوم وَلَا رَاحَة تدوم وَالله سُبْحَانَهُ سهّل لخلقه السَّبِيل إِلَيْهِ وحجبهم عَنهُ بِالتَّدْبِيرِ فَمن رَضِي بتدبير الله لَهُ وَسكن إِلَى اخْتِيَاره وسلّم لحكمه أَزَال ذَلِك الْحجاب فأفضى الْقلب إِلَى ربه وَاطْمَأَنَّ إِلَيْهِ وَسكن المتَوَكل لَا يسْأَل غير الله وَلَا يرد على الله وَلَا يدّخر مَعَ الله من شبغل بِنَفسِهِ شغل عَن غَيره وَمن شغل بربه شغل عَن نَفسه الْإِخْلَاص هُوَ مَا لَا يُعلمهُ ملك فيكتبه وَلَا عَدو فيفسده وَلَا يعجب بِهِ صَاحبه فيبطله الرِّضَا سُكُون الْقلب تَحت مجاري الْأَحْكَام النَّاس فِي الدُّنْيَا معذّبون على قدر هممهم بهَا للقلب سِتَّة مَوَاطِن يجول فِيهَا لَا سَابِع لَهَا ثَلَاثَة سافلة وَثَلَاثَة عالية فالسافلة دنيا تزين لَهُ وَنَفس تحدثه وعدو يوسوس لَهُ فَهَذِهِ مَوَاطِن الْأَرْوَاح السافلة الَّتِي لَا تزَال تجول فِيهَا وَالثَّلَاثَة الْعَالِيَة علم يتَبَيَّن لَهُ وعقل يرشده وإله يعبده والقلوب جوّالة فِي هَذِه المواطن إتباع لهوى وَطول الأمل مَادَّة كل فَسَاد فَإِن اتِّبَاع الْهوى يعمي عَن الْحق معرفَة وقصدا وَطول الأمل ينسي الْآخِرَة ويصد عَن الاستعداد لَهَا لَا يشم عبد رَائِحَة الصدْق ويداهن نَفسه أَو يداهن غَيره إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا جعله معترفا بِذَنبِهِ ممسكا عَن ذَنْب غَيره جوادا بِمَا عِنْده زاهدا فِيمَا عِنْده مُحْتملا لأَذى غَيره وَإِن أَرَادَ بِهِ شرا عكس ذَلِك عَلَيْهِ الهمّة العليّة لَا تزَال حائمة حول ثَلَاثَة أَشْيَاء تعرف لصفة من الصِّفَات الْعليا تزداد بمعرفتها محبَّة وَإِرَادَة وملاحظة لمنة تزداد بملاحظتها شكر اَوْ اطاعة وتذكر لذنب تزداد بتذكره تَوْبَة وخشية فَإِذا تعلّقت الهمّة بسوى هَذِه الثَّلَاثَة جالت فِي أَوديَة الوساوس والخطرات من عشق الدُّنْيَا نظرت إِلَى قدرهَا عِنْده فصيرته من خدمها وعبيدها وأذلّته وَمن أعرض عَنْهَا نظرت إِلَى كبر قدره فخدمته وذلّت لَهُ إِنَّمَا يقطع السّفر