لخمر الْهوى فَكلما طيبت الثَّوْب فاحت رَائِحَة الْمُسكر من تَحْتَهُ فتباعد مِنْك الصادقون وانحاز إِلَيْك الْفَاسِقُونَ يدْخل عَلَيْك لص الْهوى وَأَنت فِي زَاوِيَة التَّعَبُّد فلايرى مِنْك طردا لَهُ فَلَا يزَال بك حَتَّى يخْرجك من الْمَسْجِد أصدق فِي الطّلب وَقد جاءتك المعونة فَقَالَ رجل لمعروف عَلمنِي الْمحبَّة فَقَالَ الْمحبَّة لَا تَجِيء بالتعليم
هُوَ الشوق مدلولا على مقتل الفنا ... إِذا لم يعد صبا بلقيا حَبِيبه
لَيْسَ العجيب من قَوْله يحبونه إِنَّمَا الْعجب من قَوْله يُحِبهُمْ لَيْسَ الْعجب من فَقير مِسْكين يحب محسنا إِلَيْهِ إِنَّمَا الْعجب من محسن يحب فَقِيرا مِسْكينا
جِلْبَاب الهيبة وَالْعَظَمَة والجلال فتخضع الْأَعْنَاق وتنكسر النُّفُوس وتخشع الْأَصْوَات ويذوب الْكبر كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء وَتارَة يتجلى فِي صِفَات الْجمال والكمال وَهُوَ كَمَال الْأَسْمَاء وجمال الصِّفَات وجمال الْأَفْعَال الدَّال على كَمَال الذَّات فيستنفد حبه من قلب العَبْد قُوَّة الْحبّ كلهَا بحب مَا عرفه من صِفَات جماله ونعوت كَمَاله فَيُصْبِح فؤاد عَبده فَارغًا إِلَّا من محبته فَإِذا أَرَادَ مِنْهُ الغيران يعلق تِلْكَ الْمحبَّة بِهِ أَبى قلبه وأحشاؤه ذَلِك كل الإباء كَمَا قيل
يُرَاد من الْقلب نسيانكم ... وتأبى الطباع على النَّاقِل
فَتبقى الْمحبَّة لَهُ طبعا لَا تكلفا وَإِذا تجلى بِصِفَات الرَّحْمَة وَالْبر واللطف وَالْإِحْسَان انبعثت قُوَّة الرَّجَاء من العَبْد وانبسط أمله وَقَوي طمعه وَسَار إِلَى ربه وحادى الرَّجَاء يَحْدُو ركاب سيره وَكلما قوي الرَّجَاء جد فِي الْعَمَل كَمَا أَن الباذر كلما قوي طمعه فِي الْمغل غلق أرضه بالبذر وَإِذا ضعف رجاؤه قصر فِي الْبذر وَإِذا تجلى بِصِفَات الْعدْل والانتقام