ذخائره فِي قلب فِيهِ سواهُ وهمّته ومتعلقة بِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا يودع ذخائره فِي قلب يرى الْفقر غنى مَعَ الله والغنى فقرا دون الله والعز ذلا دونه والذل عزا وَمَعَهُ وَالنَّعِيم عذَابا دونه وَالْعَذَاب نعيما مَعَه وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا يرى الْحَيَاة إِلَّا بِهِ وَمَعَ الْمَوْت والألم والهم وَالْغَم والحزن إِذا لم يكن مَعَه فَهَذَا لَهُ جنتان جنَّة فِي الدُّنْيَا مُعجلَة وجنة يَوْم الْقِيَامَة
لَا يُفَارِقهُ وَحَقِيقَة ذَلِك عكوف الْقلب على محبّته وَذكره بالإجلال والتعظيم وعكوف الْجَوَارِح على طَاعَته بالإخلاص لَهُ والمتابعة لرَسُوله وَمن لم يعكف قلبه على الله وَحده عكف على التماثيل المتنوعة كَمَا قَالَ إِمَام الخنفاء لِقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ فاقتسم هُوَ وَقَومه حَقِيقَة العكوف فَكَانَ حَظّ قومه العكوف على التماثيل وَكَانَ حَظه العكوف على الرب الْجَلِيل والتماثيل جمع تِمْثَال وَهُوَ الصُّور الممثلة فَتعلق الْقلب بِغَيْر الله واشتغاله بِهِ والركون إِلَيْهِ عكوف مِنْهُ على التماثيل الَّتِي قَامَت بِقَلْبِه وَهُوَ نَظِير العكوف على تماثيل الْأَصْنَام وَلِهَذَا كَانَ شرك عباد الْأَصْنَام بالعكوف بقلوبهم وهممهم وإرادتهم على تماثيلهم فَإِذا كَانَ فِي الْقلب تماثيل قد ملكته واستعبدته بِحَيْثُ يكون عاكفا عَلَيْهَا فَهُوَ نَظِير عكوف الْأَصْنَام عَلَيْهَا وَلِهَذَا سمّاه النَّبِي عبدا لَهَا ودعا عَلَيْهِ بالتعس والنكس فَقَالَ تعس عبد الدِّينَار تعس عبد الدِّرْهَم تعس وانتكس وَإِذا شيك فَلَا انتقش
النَّاس فِي هَذِه الدَّار على جنَاح سفر كلهم وكل مُسَافر فَهُوَ ظاعن إِلَى مقْصده ونازل على من يسرّ بالنزول عَلَيْهِ وطالب الله وَالدَّار الْآخِرَة إِنَّمَا هُوَ ظاعن إِلَى الله فِي حَال سَفَره ونازل عَلَيْهِ عِنْد الْقدوم عَلَيْهِ فَهَذِهِ همته فِي سَفَره وَفِي