فنقصان بدنه ودنياه ولذته وجاهه ورئاسته إِن زَاد فِي حُصُول ذَلِك وتوفيره عَلَيْهِ فِي معاده كَانَ رَحْمَة بِهِ وَخيرا لَهُ وَإِلَّا كَانَ حرمانا وعقوبة على ذنُوب ظَاهِرَة أَو باطنة أَو ترك وَاجِب ظَاهر أَو بَاطِن فَإِن حرمَان خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة مرتّب على هَذِه الْأَرْبَعَة وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق فَائِدَة
النَّاس مُنْذُ خلقُوا لم يزَالُوا مسافرين وَلَيْسَ لَهُم حط عَن رحالهم إِلَّا فِي الْجنَّة أَو النَّار والعاقل يعلم أَن السّفر مَبْنِيّ على المشقّة وركوب الأخطار وَمن الْمحَال عَادَة أَن يطْلب فِيهِ نعيم ولذّة وراحة إِنَّمَا ذَلِك بعد انْتِهَاء السّفر وَمن الْمَعْلُوم أَن كل وَطْأَة قدم أَو كل آن من آنات السّفر غير واقفة وَلَا الْمُكَلف وَاقِف وَقد ثَبت أَنه مُسَافر على الْحَال الَّتِي يجب أَن يكون الْمُسَافِر عَلَيْهَا من تهيئة الزَّاد الْموصل وَإِذا نزل أَو نَام أَو استراح فعلى قدم الاستعداد للسير
وقُوف لِأَنَّهُ فِي زمن الْمُشَاهدَة لَو كَانَ صَاحب عمل ظَاهر أَو بَاطِن أَو ازدياد من معرفَة وإيمان مفصّل كَانَ أولى بِهِ فَإِن اللطيفة الإنسانية تحْشر على صُورَة عَملهَا ومعرفتها وهمّتها وإرادتها وَالْبدن يحْشر على صُورَة عمله الْحسن أَو الْقَبِيح وَإِذا انْتَقَلت من هَذِه الدَّار شاهدت حَقِيقَة ذَلِك وعَلى قدر قرب قَلْبك من الله تبعد من الْأنس بِالنَّاسِ ومساكنتهم وعَلى قدر صيانتك لسرّك وإرادتك يكون حفظه وملاك ذَلِك صِحَة التَّوْحِيد ثمَّ صحّة الْعلم بِالطَّرِيقِ ثمَّ صِحَة الْإِرَادَة ثمَّ صِحَة الْعَمَل والحذر