فِي الْقلب وَلِهَذَا قَالَ بعض السّلف ليعظم وقار الله فِي قلب أحدكُم أَن يذكرهُ عِنْد مَا يستحي من ذكره فيقرن اسْمه بِهِ كَمَا تَقول قبّح الله الْكَلْب وَالْخِنْزِير وَالنَّتن وَنَحْو ذَلِك فَهَذَا من وقار الله وَمن وقاره أَن لَا تعدل بِهِ شَيْئا من خلقه لَا فِي اللَّفْظ بِحَيْثُ تَقول وَالله وحياتك مَالِي إِلَّا الله وَأَنت وَمَا شَاءَ الله وشئت وَلَا فِي الْحبّ والتعظيم والإجلال وَلَا فِي الطَّاعَة فتطيع الْمَخْلُوق فِي أمره وَنَهْيه كَمَا تطيع الله بل أعظم كَمَا عَلَيْهِ أَكثر الظلمَة والفجرة وَلَا فِي الْخَوْف والرجاء ويجعله أَهْون الناظرين إِلَيْهِ وَلَا يستهين بِحقِّهِ وَيَقُول هُوَ مَبْنِيّ على الْمُسَامحَة وَلَا يَجعله على الفضلة ويقدّم حق الْمَخْلُوق عَلَيْهِ وَلَا يكون الله وَرَسُوله فِي حد وناحية وَالنَّاس فِي نَاحيَة وحد فَيكون فِي الْحَد والشق الَّذِي فِيهِ النَّاس دون الْحَد والشق الَّذِي فِيهِ الله وَرَسُوله وَلَا يُعْطي الخلوق فِي مخاطبته قلبه ولبه وَيُعْطِي الله فِي خدمته بدنه وَلسَانه دون قلبه وروحه وَلَا يَجْعَل مُرَاد نَفسه مقدما على مُرَاد ربه
فَهَذَا كُله من عدم وقار الله فِي الْقلب وَمن كَانَ كَذَلِك فَإِن الله لَا يلقِي لَهُ فِي قُلُوب النَّاس وقارا وَلَا هَيْبَة بل يسْقط وقاره وهيبته فِي قُلُوبهم وَإِن وقّروه مَخَافَة شرّه فَذَاك وقار بغض لَا وقار حب وتعظيم وَمن وقار الله أَن يستحي من اطِّلَاعه على سره وضميره فَيرى فِيهِ مَا يكره وَمن وقاره أَن يستحي مِنْهُ فِي الْخلْوَة أعظم مِمَّا يستحي من أكَابِر النَّاس
وَالْمَقْصُود أَن من لَا يوقّر الله وَكَلَامه وَمَا آتَاهُ من الْعلم وَالْحكمَة كَيفَ يطْلب من النَّاس توقيره وتعظيمه الْقُرْآن وَالْعلم وَكَلَام الرَّسُول صلات من الْحق وتنبيهات وروادع وزواجر وَارِدَة إِلَيْك والشيب زاجر ورادع وموقظ قَائِم بك فَلَا مَا ورد إِلَيْك وعظك وَلَا مَا قَامَ بك نصحك وَمَعَ هَذَا تطلب التوقير والتعظيم من غَيْرك فَأَنت كمصاب لم تؤثّر فِيهِ مُصِيبَة وعظا وانزجارا وَهُوَ يطْلب من غَيره أَن يتّعظ وينزجر بِالنّظرِ إِلَى مصابه فالضرب لم يُؤثر فِيهِ زجرا وَهُوَ يُرِيد الانزجار مِمَّن نظر إِلَى ضربه من سمع بالمثلات والعقوبات