لله وأعان على طَاعَة الله وتنفيذ أوامره والاستجابة لَهُ كَمَا كَانَ النَّبِي يتجمّل للوفود وَهُوَ نَظِير لِبَاس آلَة الْحَرْب لِلْقِتَالِ ولباس الْحَرِير فِي الْحَرْب وَالْخُيَلَاء فِيهِ فَإِن ذَلِك مَحْمُود إِذا تضمّن إعلاء كلمة الله وَنصر دينه وغيظ عدوّه والمذموم مِنْهُ مَا كَانَ للدنيا والرياسة وَالْفَخْر وَالْخُيَلَاء والتوسل إِلَى الشَّهَوَات وَأَن يكون هُوَ غَايَة العَبْد وأقصى مطلبه فَإِن كثيرا من النُّفُوس لَيْسَ لَهَا همّة فِي سوى ذَلِك وَأما مَالا يحمد وَلَا يذم هُوَ مَا خلا عَن هذَيْن القصدين وتجرّد عَن الوصفين
وَالْمَقْصُود أَن هَذَا الحَدِيث الشريف مُشْتَمل على أصلين عظيمين فأوله معرفَة وَآخره سلوك فَيعرف الله سُبْحَانَهُ بالجمال الَّذِي لَا يماثله فِيهِ شَيْء ويعبد بالجمال الَّذِي يُحِبهُ من الْأَقْوَال والأعمال والأخلاق فيحب من عَبده أَن يجمل لِسَانه بِالصّدقِ وَقَلبه بالإخلاص والمحبة والإنابة والتوكل وجوارحه بِالطَّاعَةِ وبدنه بِإِظْهَار نعمه عَلَيْهِ فِي لِبَاسه وتطهيره لَهُ من الأنجاس والأحداث والأوساخ والشعور والمكروهة والختان وتقليم الْأَظْفَار فيعرفه بِصِفَات بالجمال ويتعرف إِلَيْهِ بالأفعال والأقوال والأخلاق الجميلة فيعرفه بالجمال الَّذِي هُوَ وَصفه ويعبده بالجمال الَّذِي هُوَ شَرعه وَدينه فَجمع الحَدِيث قاعدتين الْمعرفَة والسلوك
الْعَزِيمَة فيصدقه فِي عزمه وَفِي فعله قَالَ تَعَالَى فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ فسعادته فِي صدق الْعَزِيمَة وَصدق الْفِعْل فَصدق الْعَزِيمَة جمعهَا وجزمها وَعدم التَّرَدُّد فِيهَا بل تكون عَزِيمَة لَا يشوبها تردد وَلَا تلوّم فَإِذا صدقت عزيمته بَقِي عَلَيْهِ صدق الْفِعْل وَهُوَ استفراغ الوسع وبذل الْجهد فِيهِ وَأَن لَا يتخلّف عَنهُ بِشَيْء من ظَاهره وباطنه فعزيمة الْقَصْد تَمنعهُ من ضعف الْإِرَادَة والهمّة وَصدق الْفِعْل يمنعهُ من الكسل والفتور وَمن صدق الله فِي جَمِيع أُمُوره صنع الله لَهُ فَوق مَا يصنع لغيره