بَادر إِلَى إِصْلَاحه ولمّه خشيَة انْتِقَال السَّاكِن مِنْهُ فَنعم السَّاكِن وَنعم الْمسكن فسبحان الله رب الْعَالمين كم بَين هَذَا الْبَيْت وَبَيت قد استولى عَلَيْهِ الخراب وَصَارَ مأوى للحشرات والهوام ومحلا لإلقاء الأنتان والقاذورات فِيهِ فَمن أَرَادَ التخلي وَقَضَاء الْحَاجة وجد خربة لَا سَاكن فِيهَا وَلَا حَافظ لَهَا وَهِي معدة لقَضَاء الْحَاجة مظْلمَة الأرجاء مُنْتِنَة الرَّائِحَة قد عمّها الخراب وملأتها القاذورات فَلَا يأنس بهَا وَلَا ينزل فِيهَا إِلَّا من يُنَاسِبه سكناهَا من الحشرات والديدان والهوام الشَّيْطَان جَالس على سريرها وعَلى السرير بِسَاط من الْجَهْل وتخفق فِيهِ الْأَهْوَاء وَعم يَمِينه وشماله مرافق الشَّهَوَات وَقد فتح إِلَيْهِ بَاب من حقل الخذلان والوحشة والركون إِلَى الدُّنْيَا والطمأنينة بهَا والزهد فِي الْآخِرَة وأمطر من وابل الْجَهْل والهوى والشرك والبدع وَمَا أنبت فِيهِ أَصْنَاف الشوك والحنظل وَالْأَشْجَار المثمرة بأنواع الْمعاصِي والمخالفات من الزَّوَائِد والتنديبات والنوادر والهزليات والمضحكات والأشعار الغزليات والخمريات الَّتِي تهيج على ارْتِكَاب الْمُحرمَات وتزهد فِي الطَّاعَات وَجعل فِي وسط الحقل شَجَرَة الْجَهْل بِهِ والإعراض عَنهُ فَهِيَ تؤتي أكلهَا كل حِين من الفسوق والمعاصي وَاللَّهْو واللعب والمجون والذهاب مَعَ كل ريح واتّباع كل شَهْوَة وَمن ثَمَرهَا الْعُمُوم والغموم وَالْأَحْزَان والآلام وَلكنهَا متوارية بإشغال النَّفس بلهوها ولعبها فَإِذا أفاقت من سكرها أحضرت كل هم وغم وحزن وقلق ومعيشة ضنك وأجرى إِلَى تِلْكَ الشَّجَرَة مَا يسقيها من اتّباع الْهوى وَطول الأمل والغرور ثمَّ ترك ذَلِك الْبَيْت وظلماته وخراب حيطانه بِحَيْثُ لَا يمْنَع مِنْهُ مُفسد وَلَا حَيَوَان وَلَا مؤذ وَلَا قذر فسبحان خَالق هَذَا الْبَيْت وَذَلِكَ الْبَيْت فَمن عرف بَيته وَقدر السَّاكِن فِيهِ وقدّر مَا فِيهِ من الْكُنُوز والذخائر والآلات انْتفع بحياته وَنَفسه وَمن جهل ذَلِك جهل نَفسه وأضاع سعادته وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
سَأَلَ سهل التسترِي الرجل يَأْكُل فِي الْيَوْم أَكلَة قَالَ أكل الصديقين قيل لَهُ فأكلتين قَالَ أكل الْمُؤمنِينَ قيل لَهُ فَثَلَاث أكلات فَقَالَ قل لأَهله يبنوا